جهود منسوبي (الهيئة السعودية للملكية الفكرية) لا شك مقدرة، حيث يعملون على تحديث نظام حقوق المؤلف وغيرها من اللوائح المساندة والقرارات، ضمن مبادرات تهدف لحفظ حقوق الموسيقيين وغيرهم من المبدعين.

انتهاك حقوق الموسيقيين أمر دارج في المجال، فلا توجد هناك عقوبات تشهيرية عليهم، ولا قائمة منع للتعامل بحيث تكون عقوبة إضافية لهم، فلا يتم التعامل معهم في عقود حكومية أو مع جهات شبه حكومية..إلخ.

بهذه الطريقة أعتقد أنه يجب أن نضع حدودا لهؤلاء المنتهكين، وقد يكون المنتهكون كيانات لا أفرادا، وبالتالي فالنظام الرادع يرسخ الحقوق ويردع من يفكر في مخالفته.


وفي جانب الممارسات الدولية يمكننا الاستفادة من النموذج الأمريكي، حيث يطبق نظام تعويضات صارمة تصل إلى ملايين الدولارات لمنتهكي حقوق الموسيقيين، ما يجعل انتهاك الحقوق خيارا مكلفا قد يعرض الشركات والأفراد لمخاطر مالية جسيمة. فمثلا، فقد غرمت محاكم أمريكية شركات كبرى.

ففي قضية The Verve ضد The Rolling Stones: عام 1997، أصدرت فرقة The Verve أغنيتهم الشهيرة «Bitter Sweet Symphony» التي تضمنت مقطعا موسيقيا مأخوذا من نسخة أوركسترالية لأغنية «The Last Time» لفرقة The Rolling Stones. وافقت The Verve على ترخيص استخدام جزء صغير من المقطع مقابل 50% من العوائد، لكن The Rolling Stones ادعت أن The Verve استخدمت جزءاً أكبر مما هو متفق عليه. انتهت القضية بخسارة The Verve حقوق النشر والتحكم في أغنيتهم ودفع مبلغ 1.7 مليون دولار كتعويضات.

وفي قضية Robin Thicke وPharrell Williams ضد Marvin Gaye: عام 2015، حكم على Robin Thicke وPharrell Williams بدفع 5.3 ملايين دولار كتعويض لعائلة Marvin Gaye بعد اتهامهم بسرقة عناصر موسيقية من أغنية «Got to Give It Up» في أغنيتهم «Blurred Lines». هذه القضية كانت واحدة من أشهر قضايا انتهاك حقوق الموسيقى في التاريخ الحديث، وأثارت الكثير من الجدل حول كيفية حماية حقوق التوزيع الموسيقي وحقوق النشر.

في أوروبا تبرز تجربة ألمانيا كنموذج رائد في حماية حقوق المؤلف، حيث تطبق عقوبات مالية وجنائية على منتهكي حقوق الموسيقيين، بالإضافة إلى إجراءات تشهيرية تشمل نشر أسماء المخالفين في وسائل الإعلام. هذا النظام لا يحمي فقط حقوق الموسيقيين، بل يعزز أيضا من مكانتهم الاجتماعية والاقتصادية، ما يدفع نحو مزيد من الابتكار في المجال الموسيقي.

في المملكة المتحدة يعد مجلس حقوق المؤلفين منصة فعالة لتسوية النزاعات المتعلقة بحقوق الموسيقى بشكل سريع وفعال، حيث يعتمد المجلس على إجراءات تحكيمية تجمع بين الأطراف المتنازعة للوصول إلى حلول مرضية قبل اللجوء إلى المحاكم. هذا النظام يسهم في الحفاظ على العلاقات المهنية بين الأطراف، ويحد من التصعيد القانوني، ما يعزز بيئة إبداعية آمنة للموسيقيين.

لذا، فإن تطبيق مثل هذه الأنظمة في المملكة سيسهم بلا شك في رفع مستوى الالتزام بقوانين الملكية الفكرية، ويعزز حماية حقوق الموسيقيين.