كيف يفكر الرجال؟ سؤال فلسفي دفعني للبحث في متاهات العلاقات الإنسانية، وقد يبدو فهم التصرفات المعقدة للعقل الذكري في كثير من الأحيان كأن تبحر في منطقة مجهولة، وما يرغب الرجال أن تعرفه النساء عن طريقة تفكيرهم وعن بناء جسور التفاهم والتواصل. اختلفت أنواع الكتب التي تناولت سيكولوجية الرجل بشكل خاص؛ لذلك دعونا نتأمل تصميم الله للهوية الذكورية، فإن حكمة الرب في خلق آدم أولًا تبين لنا الدليل الديني في الأهمية والاختلاف. لنتفق أولًا أن عقل الرجل يختلف تمامًا عن عقل الأنثى وهذا قطعًا يوكد لنا الاختلاف السيكولوجي في ما بينهما وطريقة التفكير. عقل الرجل يتطور بشكل أسرع من الأنثى، وبالتأكيد هذا المقال ليس تمجيدًا للرجال ولا تقليلًا منهم، بل هو طريقة لفهم الواقع غير الواضح. ولهذا تندفع بعض النساء لفهم الرجل من خلال الكتب، وهذا أمر طبيعي، ولكن حين تُرَى عوالم الرجل من الداخل يصبح المشهد مظلمًا.

الثروة والمكانة والمال هي اللعنة الأبدية التي تلازم الرجال طوال حياتهم وإثبات رجولتهم كل الوقت. فالرجال بطبيعة الحال متناقضون ومتنافسون. وكثير من المقالات والكتب تحدثت عن سيطرة الرجال المندفعة، وأنهم جميعًا يعملون معًا لدفع هذا الكوكب إلى الهاوية، وبعضها تحدث عن قوة الإستراتيجيات والإدارة لدى الرجال والصلابة والقوة، وهنا نجد تفوُّق الرجل في سرعة الاستجابة العقلية بالفهم، ولا ننسى أن التاريخ دوَّن لنا كثيرًا عن الرجال العظماء في جميع المجالات.

كتاب «The Rational Male» لـ«رولو توماسي»، يشرح مفاهيم الذكورة الإيجابية، والأعراف الاجتماعية العملية، والنظرية النفسية الأساسية وراء الوعي وأيديولوجية الرجل. تناول الكتاب الفرق بين الذكر الرشيد والذكر العقلاني، وكثيرًا من أهمية الاعتماد على الذات، والحزم والثقة، ويدعو توماسي الرجال إلى ملكية حياتهم واتخاذ خياراتهم الخاصة، وعدم الخضوع للتوقعات المجتمعية أو آراء الآخرين. إضافة إلى ذلك، يؤكد أهمية المسؤولية الشخصية وتحسين الذات كمكونات أساسية للذكورة، وأنه لا ينبغي للرجال أن يلتزموا بامرأة واحدة، بل يجب عليهم تعدد العلاقات مع النساء، دون تقديم أي وعود أو التزامات لأي منهنَّ. والفكرة هي أن هذه الإستراتيجية تسمح للرجل بتعظيم خياراته وتجنب الارتباط الشديد بامرأة واحدة؛ لأن هذا قد يضعفه. ويُعتقد أيضًا أن هذا النهج يمكن أن يساعد على حماية الرجل من الاستثمار عاطفيًّا جدًّا في أي امرأة، وكذلك من خطر التعرض للأذى من امرأة قد لا تردُّ بالمثل على مشاعره أو نياته. وينصح الكتاب أن يجعل الرجل نفسه مثل «الجائزة» في نظر النساء اللاتي يفضلنَ مشاركة رجل ذي قيمة عالية بدلًا من البقاء مع «الخاسر المخلص». وينصح الرجال بالتعبير عن نياتهم غير الحصرية سرًّا، وليس علنًا، والحفاظ على الاستقلال والسيطرة على خياراتهم من أجل الحفاظ على السلطة.


كتاب «The highly sensitive man» لتوم فالكنشتاين- دكتور العلاج المعرفي السلوكي- تحدث عن أن الرجل أكثر حساسية من الأنثى؛ لذلك ظهرت الذكورة السامة؛ حيث يفترض أن الذكورة في أزمة بسبب متطلبات «الذكورة السامة» للرجال في معظم الثقافات التي تعتمد على الهيمنة والعنف. ويلخص قواعد الرجولة بأن الرجل الحقيقي (مقاتل وفائز، وهو المعيل والحامي للنساء والأطفال، ومتحكم ومنضبط). ويشير إلى ما يؤكد حساسية الرجل، معدل انتحار الرجال أعلى بكثير منه بين النساء في كل العالم، والرجال أكثر عرضة للمعاناة من الإدمان ومن المستوى التعليمي. ويعد الشباب الذكور حاليًّا أقل نجاحًا أكاديميًّا في المدارس الثانوية من الشابات، وأصبح عدد الرجال المتقدمين للالتحاق بالجامعات الآن أقل من عدد النساء المتقدمات، وغالبًا ما يشعرون بالعزلة والوحدة مع صراعاتهم ويواجهون مشكلات في التعامل مع معظم الرجال من حولهم، كما أنهم عاطفيون للغاية. وقدَّم الكتاب نصائح عديدة عن كيفية تجنب الحساسية المفرطة وكيفية التعامل معها لمعالجة الرجال منها، وعدم أخذ كل المواقف بشكل شخصي.

كتاب «ذكَر شرقي منقرض»، لمحمد طه؛ يهدف إلى شرح الفروقات بين ماهية الرجولة والذكورة، والفرق بينهما ضئيل. كما تكلم عن صفات الرجل الشرقي الذي يبيح لنفسه كل شيء وفق عادات وتقاليد مبنية منذ الصغر. ويرى الكاتب أن الذكورية الشرقية متلازمة مرضية بسبب التربية على بعض التصرفات الخطأ من مفاهيم رجولية. وبالتأكيد لا يتكلم الكاتب عن الرجال عمومًا بل عن بعضهم. ويطرح الكتاب أسئلة مهمة عن الحدود النفسية في حياة الرجل الشرقي، والأسباب التي جعلت المجتمع الشرقي مقارنة بالمجتمعات الأخرى يمارس رجولته على النساء فقط، وصُنِّفَ تحت اسم الأنانية والعنف في بعض القضايا. وتناول الكتاب عدة فصول؛ منها فصل «أعراض الذكورية»، ومناقشة الأسباب وطرق التربية. ويناقش الكتاب كذلك مشكلات النزعة الدينية، وعي النساء مختلف تمامًا عن الرجال؛ فالوعي العاطفي بعيدًا عن الوعي الاجتماعي، والثقافة والبيئة وإخضاع الأنثى جعلت من بعضهن يتمردن ويتسلط عليهنَّ، والمشهد المعقد أنه لا يزال الرجل يعتقد أنه مهما بلغت أفعاله من سوء، فستتحمل المرأة هذه المعاناة، وهذا وَهْمٌ لا يزال مستمرًّا في أذهانهم.

إلغاء دور الرجل في الحياة قد يدفعه إلى البحث وإثبات نفسه بأي وسيلة مهما كان الثمن، ولو فهمت الأنثى دورها في حياة الرجل لفهمت كيف تتصرف في العلاقة. والرجل يبحث عن المال أولًا ولا يبحث عنكِ إلا ثانيًا، وسبب بحثه وارتباطه بالأنثى هو سيكولوجيته للتكاثر، ولا يمكن أن يعبر الرجل عمَّا في داخله بشكل حقيقي، بل يخفي كثيرًا عن أسبابه ومنازعاته وعن الطريقة التي يشعر بها. ونجزم بأن أولى خطوات فهم الرجل هي الرجوع إلى طفولته، وإلى رغباته التي لم تتحقق وكُبتَتْ وتحولت إلى لا شعور، وظهرت هذه الرغبات بطرق عديدة عندما وصلت إلى مرحلة عمرية أكبر؛ منها المندفعة والساذجة، واتخاذ قرارات سريعة أو نجاح وقوة وتحدٍّ مستمر. لذلك يعشق الرجال شعورهم الفردي، والاستقلالية أمر في غاية الأهمية بالنسبة إليهم، وشفرة الصمت هي الرعب بالنسبة إلى النساء حين يستخدمها الرجال؛ ففي بعض الأوقات قد يكون الصمت للعقاب أو لمعالجة أفكارهم وعواطفهم، وهذا الأمر ليس له أي علاقة بإقصاء وجود المرأة في حياته وإنما لإعادة ترتيب التفاصيل بالنسبة إليه. ولا يوجد كتاب واضح حتى الآن لشرح الرجل، ولا يمكن أن نفهم هذا الطفل الكبير.