حصل توجه من بعض المختصين بتفسير القرآن إلى اعتماد الإعجاز العلمي في القرآن كوسيلة لإثبات صدق نبوة محمد عليه الصلاة والسلام، ويعنون به وجود تشابه بين مضمون آية قرآنية وحقيقة كشف علمي، مما يعني صدق نبوة محمد إذ لو كان القرآن من عنده لما استطاع معرفة هذا الكشف العلمي، وهناك من عارض هذا التوجه بحجة أنه تكلف وأن القرآن ليس كتاباً لإثبات العلوم وأن به تعسفاً في التفسير وإخراج للآيات من سياقها، ومنهم من وافق بحجة أنه وسيلة للدعوة. ولتبين حقيقة الأمر فإنه لا بد من تقرير أن أصله صحيح فهو من حيث المبدأ غير محرم أو انحراف في التفسير فلا يعد من التفسيرات الحديثة المتقعرة لغوياً، التي لا ينتظمها خط أو منهج واحد لكنه يحتاج إلى تهذيب في ثلاثة أمور:

الأول أن تسميته بالإعجاز غير مناسب فالإعجاز هو ما يجريه الله على أيدي الأنبياء مما هو خارق للعادة على سبيل التحدي، وغير المؤمنين بالله في الغرب لا يرفضون الإله كإنكار وجحود وتكذيب الأمر الذي نصل معه لتحديهم، وإنما يعتبرونه غير ثابت، ولهذا فالأفضل تسميته الإثبات العلمي في القرآن، وفي أفضل حالاته قد يصل لما يعرف باللطائف وهو معنى خفي موجود في اللفظ أو الجملة القرآنية يستشف من خلال تكرر هذا اللفظ أو الجملة أو من خلال توافقه مع مؤكدات علمية أو شرعية أخرى، كالإعجاز العددي فهو من اللطائف ولكنه ليس إعجازاً.

الثاني إدراجه ضمن التفسير وليس خطاباً موجهاً للغرب فهو ليس للمواجهة أو المقارعة، فلا حاجة لأن تُعرض حالات تأثرت به أو آمنت بسببه، خصوصاً وأن التفسير يحتاج لإضافة هو أيضاً فهو من أقل المناهج الشرعية في الإضافة.


الثالث عدم المبالغة في اعتساف النصوص القرآنية لتكون متوافقة مع الكشف العلمي، وعدم اعتماد كشوفات علمية هزيلة وغير ثابتة فنصوص قليلة بدلائل علمية قوية خير من نصوص كثيرة بدلائل هزيلة، وليس شرطاً أن يكون شاملاً لجميع المجالات... فما هو ملاحظ هو محاولة تكثير النصوص بأي طريقة وكأن المطلوب هو الكم... فإذا حصل مجموع هذه الثلاثة فإنه يمكن الأخذ بهذا المنهج.