لا تحتاج قيادتنا لمثل قرارات الإعفاء الأخيرة التي طالت ثلاثة من المسؤولين في بلادنا، حتى تثبت لنا جميعا قربها، لكن هذا القرار بالذات أثبت وعي هذه القيادة بالصالح العام وقربها من هموم المواطنين ورغباتهم.
في الواقع، الإعفاء بحد ذاته لا يعني فساد هذه القيادة أو سوء فعلها، بل ربما فرصة للإبداع في مهنة أو مجال أو قطاع آخر، قد يجد الشخص ذاته فيه ويملك فيه أدوات نجاح تعينه على مهامه وتصحيح أخطائه في عمله السابق. أحيانا قد يوضع الإنسان في مكان لا يناسبه أو يكون غير قادر على إدراك مواطن الإصلاح والتطوير فيه، فيكون من الأفضل له وللناس أن يغيره. أو قد يكون ناجحا في عمله، ثم انتهت قدرته على تقديم المزيد، ولن يتقدم أكثر، وهو فشل أيضا لا تدركه سوى القيادات الحكيمة.
للأسف، البعض يرفض الاعتراف بفشله فيرفض ويظل يصر فتتسع الرقعة ويظلم الكثيرون ممن هم تحت قيادته أو من هم مجبرون على التعامل معه.
في علم الإدارة يجب ألا يستمر المدير أكثر من أربع سنوات في قيادة ما؛ ففي السنة الأولى يتعرف على واقع الإدارات، وفي السنة الثانية للتخطيط، والثالثة والرابعة للتطبيق.. فماذا يبقي له ليقدم؟
وكما هو عنوان القادم كسعوديين، نرجو أن تطال الإعفاءات الكثير من المسؤولين في قطاعات عديدة، خاصة من أمضوا سنوات عديدة، نظن من واقع متابعتهم أنهم لن يقدموا أكثر مما قدموا، كما أن هناك من كثرت شكاوى المواطنين من سوء إدارتهم، أو عدم قدرتهم على التطوير.
بلادنا مليئة بالنساء والرجال المتميزين وذوي الكفاءات العالية الذين ينتظرون فرصتهم في خدمة هذا الوطن، وأظننا لو التزمنا بالأربع سنوات لهؤلاء المسؤولين لبذل كل مسؤول تنفيذي وسعه ليترك لنا ذكرى حسنة في عمله، خاصة أن كلمة إعفاء تنبئه أنه مراقب وستظل تدفعه دائما للتميز والترقي، فهو في سباق مع الوقت لقطف ثمار النجاح، أما إذا شعر بأنه باق، فسيظل هذا المسؤول يرتع ويلعب في الإدارة ظاناً أن لديه الوقت الكافي لإظهار تفوقه.