تتزايد حالات الطلاق اليوم وبشكل غير مسبوق، تتعدد الأسباب وتختلف الظروف وتتفاوت المكاسب والخسائر بين الطرفين. لكن الأمر المؤكد في الطلاق أنه تغيير تصاب به خيارات الناس أو مسارات حياتهم.

وبينما تعتني كثير من الجهات بتأهيل المقبلين على الزواج، لا نرى مبادرات أو مشاريع اجتماعية مؤسسية لتأهيل المطلقين أو المقبلين على الطلاق.

أعتقد أنه مع انتشار ظاهرة الطلاق في الأعوام الأخيرة أصبح حضور العمل الاجتماعي بأشكاله كافة أمراً بالغ الأهمية، لدعم الأشخاص وتهيئتهم للتعامل بطريقة إيجابية مع التغييرات التي ترافق المراحل اللاحقة للطلاق. ولكن ما الذي نتوقع أن تتضمنه هذه التهيئة؟


قد تكون البداية بتقديم (الدعم النفسي) الذي يركز على التقبل وإدارة المشاعر السلبية كالحزن والخوف والشعور بالذنب، إضافة لتعزيز الثقة بالنفس للتأقلم مع الواقع الجديد.

كذلك تقديم (الدعم الاجتماعي) ممثلا في العائلة والأصدقاء ومجموعات الدعم والمشاركة.

كما يجب أن تشمل التهيئة (إرشاداً قانونياً) بهدف مساعدة الأشخاص لفهم حقوقهم وواجباتهم القانونية المتعلقة بالطلاق، بما في ذلك حضانة الأطفال والنفقة وما يتعلق بالسكن والممتلكات.

يجب ألا تغفل التهيئة أيضاً مسألة (التخطيط المالي)، وذلك بتحديد الموارد المالية المتاحة وحصر القروض والمصاريف، ثم وضع خطط لضمان الاستقلالية والاكتفاء المالي بعد الطلاق للطرفين، أو للطرف المتضرر مادياً. كما إنه من المهم أن تشمل التهيئة الأطفال إن وجدوا، بإدارة أحاديث صادقة وعقلانية معهم، تشرح لهم الموقف وتطمئنهم وتنظم استمرار علاقة مستقرة لهم مع الوالدين.

وأخيرا علينا أن نعي بأن زيادة معدلات الطلاق هي حلقة في سلسلة التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والفكرية، وهي تؤدي بدورها لإنتاج مزيد من التغيرات في بنية المجتمع واحتياجاته وقيمه، مما يجعل التدخل الاجتماعي في حالات الطلاق ضروريا، لمقاومة العشوائية والتأسيس لنمط انفصال آمن وبأقل قدر ممكن من الخسائر للرجل وللمرأة وللأطفال.