في كل مجتمع هناك فئة ليست باليسيرة لا تقرأ، ولا تحلل، ولا تفكر. فئة لا تحب القراءة ولا تريد أن تشغل بالها في التفكير أو التحليل المنطقي. فئة لا تسأل ماذا أفعل؟ ولماذا أفعل؟ فئة تفضل أن تسير مع التيار، كل همها متابعة كل جديد أو "هبه" أو "ترند".

فئة تتأثر بآراء مشاهير التواصل الاجتماعي وأقوال المؤثرين فتتجه دونما جدال إلى تجربة منتج؛ بل والترويج عنه من قبيل الفضول.

فئة تحرص على اقتناء كتاب عادي لتضعه على الرف سنوات طويلة دون قراءة؛ لأن كاتبه هو فلان ذاك الشخص المشهور!


فئة تتدافع من أجل الحصول على توقيع مؤلف لرواية أقل ما يقال عنها أنها رواية ركيكة، مصاغة بأسلوب عادي؛ ولكنها أصبحت بقدرة قادر تنافس المعلقات السبع.

فئة تأتمر بأوامر مشهور التواصل الاجتماعي الذي يشير بيده أن اذهبوا إلى ذاك المطعم، فيتحركوا كسرب أو قطيع دون تفكير أو تحليل، ليتذوقوا وجبة عادية بسعر خرافي.

فئة تتدافع في طوابير طويلة من أجل احتساء كوب قهوة.

فئة تنتظر بشغف عرض فيلم اتفقوا فيما بينهم على انه رائع ولو سألت المؤلف أو المنتج أو المخرج عن سبب نجاح الفلم هو نفسه لا يعلم!

لا ينتهي الموضوع عند هذا الحد فالفئة الأولى لديها القدرة على التأثير وتحريك حشود الفئة التابعة والتي تتحرك وفقاً لتحرك الفئة الأولى.

الفئة التابعة لديها فضول أيضا لمعرفة أسباب هذا التحرك أو الازدحام، فتتحرك هي أيضاً وتشتبك مع الخط ليتعاظم الرأي الجمعي. يصبح هذا الرأي حقيقة مسلمة لا يمكن إنكارها؛ فالنجاح الذي تحقق مثبت ويمكن قياسه بالأرقام والإحصاءات، ولا ينكر ذلك إلا حاقد أو حاسد.

لن يصدقك أحد إذا تحدثت برواية أخرى خلاف ذلك فالصورة الذهنية انطبعت والأقلام رفعت وجفت الصحف، ولا يمكن تغيير الواقع بين عيشة وضحاها أو تغطية الشمس بغربال. إذا قلت خلاف ذلك، فسوف تهاجم لأنك خالفت الرأي السائد الذي أصبح منطقاً يتراقصون حوله في مسرح القطيع.

هذه الفئة لا تتأثر بالإعلانات التقليدية، هم في الواقع يأتمرون بأوامر المشاهير والمؤثرين الذين يقودون مجموعات صغيرة على شاكلتهم، وهذه المجموعات تقود سلسلة مترابطة من مجموعات تابعة لها.. وهكذا حتى تكبر كرة الثلج، لتجني على أثرها المجد والشهرة.