بينما أنتظر في طابور أحد الإجراءات أصابني الملل السريع لإنهاء الإجراء والعودة لإتمام كذا وكذا من المهمات وحين فتحت التلفاز في وقت الراحة وجدت أمامي مشهدا عن حياة الناس في بعض القرى والأرياف ،ورأيت كيف يستهلكون أدق أجزاء الفاكهه والمكسرات لصنع مختلف الحلويات ولخبز الفطائر والمعجنات ،فانبهرت من عملهم الدائم للاستفادة من محاصيل الطبيعة، بل وحتى الحيوانات الأليفة كالقطط والكلاب والدواجن تحوم حولهم بأريحية تامة، وحتى وهم يخبزون يذيقون بعض الحيوانات قطعا من طعامهم. تبدو حياتهم شاقة لنا، لكنها عمل دائم بين المنزل والحقل حتى ينتهي اليوم بوجبة العشاء ثم النوم. فتذكرت قوله تعالى:"وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ۖ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ۖ وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"، وغيرها من الآيات التي تحث على التفكر أو تطرح صورا عن ذلك مقابل العولمة وثورة الذكاء الإصطناعي وإنترنت الأشياء ، بقدر ما حملت من تقديم سبل راحة لنا بقدر ما قللت إعمال عقولنا في التأمل والتفكر والضجر السريع، مقابل صبر أجدادنا الطويل. ويبقى السؤال الأخير ماذا سيحدث للأجيال القادمة إذا افتقدت التأمل أو انشغلت عنه في التقدم الحضاري والتقنيات الحديثة؟ أظن أن الحيوانات الأليفة كالطيور والقطط وغيرها لن تتغير، لذلك ستعيدنا دوما للطبيعة إذا تأملنا جيدا حبهم للأرض كما هي دون تقدم حضاري، وقدرتهم على العيش ببساطة وبحث دائم عن الغذاء، واستلقاء في أي بقعة من هذه الأرض.