تُحكى حكايات الشباب عبر العصور كأغاني تسكن أذهانهم، كما يتحدث عن الفلسفة الشبابية اليوم كأنها سرّ من أسرار الكون، وهذا في حد ذاته جهد يستحق الإشادة! فالشباب اليوم يعتبرون أنفسهم الحكماء الفطاحل، ويستعرضون فلسفتهم بمزاح لا يعرف الحدود.

ما دعاني لقول ذلك هو ما أراه وألمسه وإلى يومنا هذا من أفعال بشرية صرفه - ليست على الصعيد الأولي للشباب فحسب ، بل تم توصيلها ونجح الاقتران بها مع ما كنا نخشاه سابقا كمعاصر لجيلي ، جيل الثمانينات . أحد أهم جوانب الفلسفة الشبابية هو النظر إلى الحياة من خلال عدسة زجاجية مبهرة. فكل قضية، مهما كانت تافهة، يتم تحليلها وكأنها معضلة وجودية تتطلب تأملات عميقة وحلولاً معقدة ، وأنظر كمثال بسيط حول نقاشهم أثناء إحدى مباريات كرة القدم وقس على ذلك أن تتخيل نفسك في نقاش حاد حول "لماذا لا يُبقي القهوة الساخنة ساخنة إلى الأبد؟" ويتحول الأمر إلى مناظرة فلسفية حول مفهوم الزمن والخلود. بالنسبة للشباب، القهوة ليست مجرد مشروب، بل هي تجسيد للحياة والوجود!

أما عن المزاح، فحدث ولا حرج. ينظر الشباب إلى المزاح كأداة لفك تشابك الأفكار المعقدة. تجدهم يخلطون بين الحقيقة والخيال بطريقة تجعل حتى أفضل الروائيين يعجزون عن كتابة نص مشابه. كل نكتة تطرح كأنها محاضرة فلسفية، وكل تعليق عابر يحمل عمقاً يجعلك تتساءل إن كان الحديث عن حياة مليئة بالمعاني أم عن مجرد حكايات عبثية.


وفيما يخص الحكمة، فهي تُعتبر منحة إلهية تُمنح فقط لمن يستطيع تقليب الأمور من كل زاوية ممكنة. فالشاب الذي يعتقد أنه فهم الحياة بشكل كامل، هو نفسه الذي يقضي الساعات في محاولات فاشلة لتفسير معنى الرقص على أنغام أغنيته المفضلة.

إذاً، في عالم الشباب، كل شيء هو عميق ومعقد حتى تتضح الحقيقة البسيطة: أنهم يعيشون في عالم مليء بالمزاح والفلسفة التي تعكس قدرتهم على التعامل مع تعقيدات الحياة بمرونة وسخرية.

وهكذا، تظل الفلسفة الشبابية والمزاح جزءاً لا يتجزأ من كيفية رؤيتهم للعالم. إنها دعوة للجميع ليتذكروا أن الحياة ليست دائماً عن الجدية، بل أيضاً عن الاستمتاع بالرحلة، مهما كانت مليئة بالأسئلة الغريبة والنكات غير المتوقعة.

وبالنهاية ، فإن الفلسفة لم تكن يوماً حكراً على اهلها ، بل بالإمكان النظر لها الان من خلال طاولة ، وقهوة ، ومجموعة من الشبان.