باتت رسوم تسجيل الصغار في رياض الأطفال التعليمية، التي تسبق دخولهم المرحلة التعليمية الابتدائية، عبئًا كبيرًا يثقل كاهل أولياء الأمور، الذين اشتكى كثير منهم من غياب الضوابط والقفزات المبالغ فيها في الأسعار، خصوصًا في ظل زيادة الإقبال على تلك الرياض الخاصة التي يحرص كثيرون على إلحاق صغارهم بها؛ لأنهم يرون أنها تقدم مزيدًا من الاهتمام بصغارهم مقارنة برياض الأطفال الحكومية التي تشهد ازدحامًا في الأعداد، على الرغم من أنها الأمثل في جودة الأداء وجاهزية البناء وتوفر المستلزمات.

وتعد رياض الأطفال أحد أبرز المراحل التعليمية لبناء الطفل خلال تدرجه التعليمي، حيث يكتسب فيها كثيرًا من المهارات، ويكون قادرًا على التكيف بشكل كبير أثناء التحاقه بالمرحلة الابتدائية.

ومع توجه وزارة التعليم إلى التوسع في فتح رياض الأطفال الحكومية، سارع القطاع الخاص بدوره إلى التوجه نحو هذا المجال، حيث انتشرت الروضات الخاصة وبشكل كبير في شتى أحياء المدن والقرى، وبات القبول فيها يبدأ من سن الرابعة، كما تنوعت العروض المتاحة من قبلها، لكن ارتفاع أسعار كثير منها جعل الخيارات المتاحة محدودة أمام أولياء الأمور الذين باتوا يعانون من إيجاد رياض أطفال بتكلفة تلائمهم، وتحقق في نفس الوقت الجودة التي يطلبونها.


رفع الأسعار

يوضح مازن مشعل، وهو أحد أولياء الأمور لـ«الوطن» أن الخيارات المتاحة في الحي الذي يسكنه ما بين روضات حكومية تعد الأمثل من حيث جودة الأداء والمبنى وجاهزيته بالكامل، إلا أن أعداد الطلاب فيها يفوق الـ30 طالبًا، وهذا يؤثر على التركيز على جودة المخرجات، فهذا العدد يعد كبيرًا بالنسبة للطفل في هذه المرحلة، ويتطلب من المعلمة جهدًا كبيرًا وتركيزًا عاليًا لأداء المهام للطفل، وتنفيذ المهارات بشكل مميز، واكتسابها خلال هذه الفترة التي يتواجد من خلالها الطفل داخل رياض الأطفال.

وأضاف «قبل بداية العام الدراسي اتفقت مع روضة خاصة على أن ألحق طفلي بها بسعر لا يتجاوز الـ3000 ريال للفصل، إلا أنه ومع تزايد الطلب عليها بادرت إلى رفع الأسعار إلى 5000 ريال للفصل، فاضطررت إلى الانسحاب وإلحاق طفلي بمقاعد الروضات الحكومية».

جودة المخرجات

من جهته، يوضح يوسف حمدان أنه تواصل نهاية العام الدراسي الماضي مع عدد من رياض الأطفال الخاصة، خصوصًا أن عروضها وأسعارها في تلك الفترة كانت متواصلة ومقبولة، وقد عمد إلى ذلك لكسب مقعد دراسي لطفله منذ وقت مبكر، وهو ما حصل عليه، حتى أنه بادر إلى تسديد دفعة من الرسوم لروضة قريبة من منزله.

وتابع «عند بداية العام وجدت أن ساعات الدوام أقل، وهي مختلفة عن الروضات الأخرى، إضافة إلى كمية الطلبات المادية التي تترتب علينا كأسرة من قبل الروضة، وهو ما دعاني إلى التواصل مع الإدارة لإيجاد حل لهذا الأمر، ومحاولة التوصل لاتفاق يقضي بالتركيز التام على المهارات دون أي إجهاد مادي أو بدني على الطفل».

ونوه إلى ضرورة عرض السيرة الذاتية للمعلمات لمعرفة مؤهلاتهن وخبراتهن عند تقرير إلحاق الطفل بهذه الروضة أو تلك، لأنه يسهم بشكل كبير في جودة المخرجات التي -من ضمنها- أن يكون جميع العاملين من أصحاب الاختصاص والخبرات.

اختلافات كبيرة

أكد عمار منصور، أنه سجّل ابنته في روضة برسوم تصل إلى 16000 ريال، لكنه يبرر ذلك بأن الروضة «انتر ناشونال» يعد تدريس اللغة الإنجليزية للطفل جزءًا من منهاجها، إضافة إلى بقاء الطفل ساعة بعد انتهاء الدوام لحل الواجبات مع المعلمة، وهي طريقة اختيارية يتم إضافة رسوم عليها.

ونوه إلى أن «خيارات الأسعار والروضات مختلفة ومتعددة، بعضها يشمل حتى النقل من وإلى الروضة، لذلك يصعب وضع ضوابط محددة لتلك الرسوم، وإن كان كثير منها بات مرهقًا للأسر التي تبحث عن توفير مقاعد لأبنائها من سن الرابعة إلى السادسة، وبعض الروضات تستمر فيها الدراسة حتى الصف الثالث الابتدائي».

أهمية رياض الأطفال

يبين الاستشاري النفسي بدر علي لـ«الوطن» أن التحاق الطفل برياض الأطفال يعد مرحلة مهمة لها كثير من الجوانب الإيجابية التي يجب التعامل معها باحترافية ومهنية عاليتين، وعلى جميع المؤسسات المعنية بهذا الأمر التعامل مع الأطفال بعناية خاصة ومنحهم حرية التعلم واستخدام الطرق الحديثة للتعليم، ويجب أن تكون بيئة جاذبة لاندماج الطفل في هذه الرحلة التعليمية، لذا يجب عدم الضغط عليهم وتحميلهم أعباء وواجبات يومية تجعلهم لا يرغبون بالذهاب للروضة، لأن هذا الأمر لو حصل سيشكل معضلة كبيرة لدى الطفل.

وأكد أن هذه المرحلة تساهم بشكل كبير في تكوين شخصية الطفل واكتشاف موهبته والعمل على دعمها وتطويرها.