أعادت الأمطار المتواصلة، التي شهدتها محافظة العيص، خلال فترات متفاوتة، الحياة إلى المزارع المنتشرة في المحافظة والقرى والمراكز التابعة، وقادت الأهالي إلى العودة لمزارعهم التي هجروها منذ عهد آبائهم وأجدادهم؛ نتيجة جفاف آبارها بسبب قلة الأمطار خلال العقود السابقة.

ومع ارتفاع منسوب مياه عدد من السدود والآبار في المحافظة جراء الهطولات المطرية المتكررة التي شهدتها المنطقة أخيرا، والتي أدت إلى دعم الغطاء النباتي، استبشر المزارعون خيرا بموسم زراعي متميز، خصوصا مع تنوع زراعات المحافظة من المحاصيل الزراعية والحقلية مثل الحبوب والقمح والشعير.

وتمتاز العيص التي تبلغ مساحتها التقريبية 28630 كلم مربع، بكون معظمها من المرتفعات الجبلية والأودية ومجاري السيول، وهي تمتاز بكثرة النخيل الذي ينتج أجود التمور، ومن أشهرها البرني والكعيمر.


واحة خضراء

يؤكد المزارع سليم الجهني، أن مزارع العيص استعادت حياتها بعدما كانت تعاني من الجفاف الذي تسبب في موت كثير من أشجار النخيل، وفي غياب المحاصيل الزراعية نتيجة قلة هطول الأمطار وقلة منسوب المياه.

وقال «بعد عودة الأمطار بغزارة في السنوات الأخيرة انتعشت الزراعة في المحافظة، التي كانت في السابق تضم عددا كبيرا من المزارع، أصبحت الآن واحات خضراء».

وأوضح «اشتهرت العيص بزراعة النخيل والخضروات والفاكهة، حتى أصبحت منتجاتها الزراعية تصدر إلى دول الخليج العربي، خصوصا منتوجها من النخيل ومن بينه برني العيص».

مكانة بارزة

يشدد المهندس عايض الميلبي، على أن للعيص مكانة بارزة منذ القدم، وهي تمتاز بإرثها التاريخي مثل قلعة الفرع «قصر البنت» التي تعكس حضارة ما قبل 2000 عام، كما أنها كانت إحدى محطات طرق التجارة قديما، ولها شهرة كبيرة في كتب السيرة؛ لأهمية موقعها في الدفاع عن المسلمين.

وبين أن العيص اشتهرت بكرم أهلها وكرم أرضها، حيث يتراءى نخيلها الباسق للناظرين في ربوع العيص وقراها، وحول العيون الجارية، وفي الوديان الخصبة التي تجري فيها المياه «نجل» دون انقطاع.

وأشار إلى أن نخل العيص يلقى اهتماما ورعاية خاصتين من أهلها، وقد كان التمر قوتا أساسيا لأهلها، وإضافة إلى التمور كانت زراعة القمح رافدا مهمًا، ولها دور كبير في توفير لقمة العيش. وقد كانت هناك أماكن «رياض» يزرع فيها القمح بعد هطول الأمطار، وكان العمل شاقا، وبحكم عدم وجود آليات أو حراثات كان ذلك الجيل يعتمد على سواعده وإبله في حرث أراضيهم.

وتابع «كانت حياة العيص تعتمد بشكل أساسي على الزراعة ورعي الماشية، وكل ذلك أساسه هطول الأمطار، التي إن قلت تبدأ المعاناة، وإن توالى هطولها يكثر الخير وينتعش كل شيء، ولكن في السعودي الزاهر تبدل الحال للأحسن، وتنوعت مصادر الأرزاق، وأقبل الأهالي على بناء وعمارة المكان، وقدمت الدولة كل الخدمات حتى صارت العيص محافظة كبيرة، كما تطورت الزراعة فيها حتى باتت العيص وقراها جنات غناء تغطيها أشجار النخيل، وتنوعت منتوجاتها الزراعية بفضل خصوبة أرضها وأجوائها المناسبة لكثير من المحاصيل بما في ذلك العنب والبرتقال والرمان والتين وغيرها».

وأكمل «مع اتساع رقعة المزارع، وحفر الآبار، وشح الأمطار، بدأت الآبار تنضب، وعلى إثر ذلك تأثرت المزارع كثيرا، وبدأ بعضهم بهجران مزارعهم بعد موت نخيلها، ونفس الحال حدث لينبع النخل وعيونها، وتقريبا في نفس الزمان قبل زهاء 4 عقود».

وواصل «في السنوات الأخيرة، مع توالي هطول الأمطار، بدأت الحياة تدب من جديد في المزارع الميتة في العيص التي اشتهر نخيلها بجودة تموره التي غزت الأسواق القريبة والبعيدة على حد سواء، وصار اسم تمورها البرني والكعيمر يتردد في كل مكان، ويجد إقبالا من المستهلكين، حتى باتت مزارع المحافظة رافدا اقتصاديا لأهالي المنطقة».

العيص

محافظة العيص تابعة لمنطقة المدينة المنورة

مساحتها التقريبية 28630 كلم مربع

معظمها مرتفعات جبلية وأودية ومجاري سيول

تمتاز بكثرة النخيل الذي ينتج أجود التمور

سكانها أكثر من 22445 نسمة

ترتفع 1200 متر عن سطح البحر

تضم مساحات شاسعة من السهول تزرع بالقمح عند هطول الأمطار

عانت من قلة المطر لعقود طويلة

أنعشتها الأمطار التي تكرر هطولها بغزارة في السنوات الأخيرة.