كانت الكارثة التي حلت ليلة العاشر من سبتمبر غير مسبوقة، بالنسبة لليبيا، بدءًا من انهيار سدين في مدينة درنة بشرقها، وتدفق الأمطار الغزيرة الناجمة عن العاصفة دانيال في البحر الأبيض المتوسط ​​على سفوح الجبال الشاهقة، مما جعلت الناجين يرون لليوم مشاهد مروعة، حيث تراكمت الجثث بسرعة أكبر من قدرة السلطات على إحصائها.. والآن بعد مرور عام يحاول سكان البلدة ومسؤولو المدينة إعادة البناء، رغم أنهم لن يتمكنوا أبدًا من دفن الأشخاص الذين اختفوا إلى الأبد.

فيضانات قاتلة

استيقظ سكان مدينة درنة على دوي انفجارات قوية ناجمة عن انهيار السدين، وما تلا ذلك كان بمثابة كابوس حقيقي،


حيث تسببت المياه المتدفقة، التي بلغ ارتفاعها طابقين في تدمير أحياء بأكملها وطرق وجسور ومبان سكنية في مختلف أنحاء المدينة الساحلية، كما جرفت المياه على الفور آلاف الأشخاص، وغرقوا في غضون دقائق، كما نزح عشرات الآلاف. وتشير تقديرات منظمات الإغاثة إلى أن عدد القتلى تراوح بين 4 آلاف و11 ألف شخص، وعدد المفقودين تراوح بين 9 آلاف و10 آلاف شخص، كما نزح 30 ألف شخص آخرين.

وقد وجد تقرير نُشر بعد فترة وجيزة من الكارثة أن احتمالات هطول الأمطار الغزيرة زادت بنحو خمسين مرة، كما زادت شدتها بنحو خمسين في المائة بسبب تغير المناخ الناجم عن أنشطة الإنسان. وقد أجرت مجموعة World) Weather Attribution) التحليل، التي تهدف إلى تقييم الدور المحتمل لتغير المناخ في الأحداث الجوية المتطرفة بسرعة.

وفي أواخر يوليو، أصدرت المحكمة الجنائية الليبية أحكاماً على 12 مسؤولاً محليًا مسئولاً عن إدارة مرافق السدود في البلاد بتهمة الإهمال في صيانة السدود، وتراوحت الأحكام بين تسعة أعوام و29 عامًا سجنًا، وفقًا لمكتب النائب العام الليبي.

عدم اليقين

كانت مدينة درنة، بمزيجها المتنوع من السكان من أصول تركية وأندلسية وكريتية، لسنوات عديدة مركزًا ثقافيًا للدولة الواقعة في شمال إفريقيا، لكنها تأثرت أيضًا بشدة بالحرب الأهلية في ليبيا وأكثر من عقد من الاضطرابات، والآن، تبذل إحدى السلطات المتنافسة في ليبيا موارد كبيرة لإعادة بناء درنة. وفي سبتمبر الماضي، وافق البرلمان الليبي المتمركز في شرق البلاد على تخصيص 10 مليارات دينار ليبي (حوالي 2 مليار دولار) لإنشاء صندوق تنمية من شأنه أن يساعد في إعادة بناء درنة والمناطق المتضررة حول المدينة، وبدأت لجنة المدينة للصيانة وإعادة الإعمار في بناء منازل جديدة، وقدمت تعويضات مالية للناجين، وعلى طول مجرى نهر درنة، الذي اتسع بفعل مياه الفيضانات، يجري إعادة بناء جسر الصحابة، إلى جانب مسجد الصحابة المجاور له. وقال سالم الشيخ، وهو مهندس في موقع البناء الذي يعد جزءًا من مشروع سكني تم إطلاقه في مايو الماضي، إن هناك خططًا لبناء 280 شقة لمن فقدوا منازلهم، وأضاف أن 60% من أعمال إعادة الإعمار في مختلف أنحاء درنة اكتملت.