من حقنا استذكار رموز الحداثة الأوائل في العالم العربي، وما قدموه «مكتوبًا» في سبيل التقدم والتطور والازدهار الحضاري، رغم واقعهم الصعب «آنذاك»، حتى ولو عجز بعضهم عن «القطيعة المعرفية»، فالقيام مع القدرة، مرورًا بالقوة الناعمة للحداثة في صناعة الوجدان الحداثي إنها «الفنون السبعة/تحتقرها الأصولية قولاً وتهابها وترتاب منها فعلاً إلى حد التحطيم والتهديد بالقتل».
وتذكروا أنه مهما استبطن أصحاب «خندقي قبري وقبري خندقي» التلون ببعض «الشيلات والهمهمة»، فإن درس الوطنية الأول يبدأ مع «الشعر»، وقد أصبح «نشيدًا وطنيًا» متحالفًا مع «الموسيقى»، نردده وقوفًا رافعي الرؤوس في المحافل الدولية ترفرف عليها أعلامنا، رغم أنوفهم وأنف «بابك الخرمي» يصرخ بالدهماء: «يا لثارات الحسين»، وقلبه يطفح بالمزدكية ألبسوها «ثياب الحسين»، حيلةً عرفها عقلاء العرب منذ «قميص عثمان».
متناسيًا هذا المزدكي أن في العرب سنة وشيعة «حسن وحسين»، فما دخل فارس والروم وقد تمدد التاريخ بنا وبهم إلى عام (1446/2024) حيث الذكاء الصناعي يحاول أن يسمو بنا إلى الإنسانية العليا في إجابته ونحن نحاصره بسؤال طائفي عن «الحق مع من؟!»، فيرجع ويذكرنا بقوله: «من المهم أن نتذكر أن الإسلام يدعو إلى الوحدة والتسامح بين المسلمين، وأن هناك دعوات عديدة من العلماء والمفكرين المسلمين لتعزيز الوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب» انتهى النقل عن «الذكاء الصناعي»، وفي هذا دعوة للملتزمين «بتشاؤم العقل» أن لا يتخلوا عن «تفاؤل الإرادة»، ولو عبر «العقل الحداثي الأعلى»، الذي يصنع هذه الخوارزميات الأكثر قربًا لثلاثي الحداثة في «العقلانية، الفردانية، المنطق العلمي»، رغم أنف «المتنطعين» في دعوى امتلاك الحق «المطلق».
فكما كشف محرك البحث «القديم/قوقل» للناس زيف كثير من الأحاديث «الموضوعة والضعيفة»، يمضغها بعض الوعاظ على الرؤوس، فسيكشف الذكاء الصناعي مزيدًا من «عار التاريخ» الذي حكاه لنا عبدالله القصيمي فاستنكرناه، وها نحن نقرأه من جديد متسائلين مثله «أيها العقل من رآك»، رافعين عن عقولنا حجابًا يضعه العاجزون، عنوانه «التكفير والإقصاء»، فيتبرأوا من «شرف التفكير»، كما يتبرأ «العبد الأحمق» من «شرف الحرية»، خوفًا من وصمة «الآبق»؟!.
إنه عقل قروسطي ولو رأيت بأيديهم آخر منتجات «آيفون/ آبل»، تقول لهم: «تدخلون حربًا ضحاياها من عدوكم قرابة 1322»، وضحاياها منكم زادت على (28000) غير آلاف الجرحى والمفقودين تحت الأنقاض، ثم تسمون ذلك «نصر» يقولون: الله مع الحق، فتقول لهم: بل الله مع المدافع الأقوى، وليس مع الجحور والأنفاق الأطول.
منذ قرابة القرن ولم تتعلموا من دروس التاريخ، فصدق فيكم قول الحكيم الملتحي: «التاريخ يعيد نفسه، أولاً كمأساة، ثم كمهزلة»، وفعلاً المأساة كانت 1967«دولة ضد دولة»، أما في 2023، فكانت مهزلة «حزب مافيوزي» ضد «دولة نووية»، والحزب «عقائدي»، والعقل العقائدي «روسطي بالضرورة»، فيرى مثلاً ما وقع لإبراهيم -عليه السلام- أمام النمرود في تحويل النار إلى برد وسلام قد يقع له.
إنه وهم «الكرامات» في عقولهم، صدقوه في أفغانستان أمام السوفييت، والعقلاء صدقوا «صواريخ استينقر» تصرفها سرًا المخابرات الأمريكية للأفغان «المجاهدين» نكالاً في السوفييت، كما يصرف الغرب المساعدات العسكرية لأوكرانيا «ترويضًا» لجموح روسيا، فلا يفنى الغنم ولا يموت الذئب، حمى الله حكماء العرب وعقلاءها، ولا عزاء للحمقى في مغامراتهم منذ زمن «الشعبوية القومية» في «عبدالناصر، صدام، القذافي»، وحتى زمن «الشعبوية الدينية» في «بن لادن، البغدادي، نصر الله، السنوار، الحوثي»، ويبقى «السرير» جاهزًا لكل أيديولوجيا قروسطية تريد النوم في ضيافة «بروكرست الحداثة»، فالحداثة ككل فكرة بشرية، لها حد يقطع لك، وحد يقطعك، وكل يد عاجزة عن أخذ «مقبض الحداثة» بقوة، سيفاجئها «نصل الحداثة» الحاد بقطع خنصر هنا وسبابة هناك.
وأخيرًا.. تماسكوا واربطوا الأحزمة يا ركاب القرن الحادي والعشرين، فالمطبات الهوائية كثيرة و«مكر التاريخ» فوق توقعات البشر، ولا أرى «عروة وثقى» في زمننا هذا أقوى من «الدولة الحديثة» لمواطنيها، وما عدا ذلك «لاجئين، مشردين، منكوبين، مرتزقة...»، فالمواطن بقدر مواطنته «حقوقًا وواجبات» تكون «قوة دولته وحداثتها»، والعقول القروسطية ا«لمتذاكية» ستضيع وقتها بحثًا عن «نصف موقف/تسميه وسطية» عاجزة عن التمسك بعروة «الدولة الحديثة»، وستسائل نفسها «سرًا»: «هل ضاعت لحانا/ أصبحنا بلحى منتوفة» بين زوجتين «حانا العجوز تنتف الشعر الأسود لتزيدنا بالشيب هيبة ووقار/أصالة»، و«مانا الشابة تنتف الشعر الأبيض لتزيدنا بالسواد شبابًا وفتوة/معاصرة» فماذا بقي؟!، أما بروكرست الحداثة فبدعوى «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان» يمد «الدول الفاشلة» على سريره، فتراه يقصقص أطرافها «السودان مثلاً أصبح سودانين منذ سنوات مع قابليةٍ لثالث ورابع!!».