الصقر الذي سوف يُحلّق عاليًا ببعض الجامعات والكليات ومخرجاتها فخرًا بالإنجازات والتطور، وهو الصقر الذي سوف يصبح بلا شك المؤشر الأقوى للتوظيف في سوق العمل السعودي؛ ذلك هو المشروع السعودي لتصنيف الجامعات والكليات ومؤسسات التعليم العالي الحكومية والأهلية في المملكة، والذي يُعرف باسم "صقر"، ومن المتوقع أن يُثمر عن نتائج مهمة للغاية، هذه النتائج ستتجلى بوضوح خلال الفترات القادمة، لتكون بمثابة علامة فارقة في تاريخ التعليم الجامعي السعودي.

وبوجهٍ عام، أصبحت تصنيفات الجامعات شائعة بشكل متزايد، وتستخدم على نطاق واسع في السنوات الأخيرة. وتوفر مؤسسات التصنيف الجامعية معلومات قيمة بناءً على قياس أدائها في جوانب محددة، ويعمل على تأطير إجراءات قياس أدائها باستخدام منهجية معلنة تحتكم إليها تلك المؤسسات الجامعية، وفق مقاييس ومؤشرات ثابتة، ويظهر من خلالها قوتها أو حاجتها إلى التطوير وفقًا لمستوى الترتيب أو التصنيف الذي حصل عليه. ويكون التصنيف في فئات محددة تهدف إلى تسليط الضوء على الجوانب المؤثرة في رفع جودة التعليم والتدريب وممكناتهما ومخرجاتهما بهدف زيادة التنافسية، وتحسين ترتيب تلك المؤسسات، وتمكين الطلبة والجهات الأخرى من اتخاذ القرارات المناسبة.

هذا المشروع السعودي (صقر) الفريد من نوعه من حيث المصداقية والشفافية، والتي ظهرت وبشكل غير مسبوق بما تضمنه المشروع من آليات لتصنيف وترتيب مؤسسات التعليم والتدريب في المملكة بناءً على منهجية ومؤشرات قياس أداء دقيقة وشاملة، حتمًا سوف يكون نتائجه أكثر العناصر تأثيرًا، ينعكس على قوة الجامعات ومخرجاتها وثقة المجتمع بهذه الجامعات. هذا المشروع قد يُحاكي مؤسسات التصنيفات العالمية الأخرى من حيث الهدف العام، ولكن يختلف من حيث الشمولية والوضوح بالمقارنة مع بعض المؤسسات مثل QS و Shanghai و Times Higher Education، ومن المتوقع ستكون نتائجه أكثر مصداقية ودقة في تصنيف وترتيب قوة المؤسسات التعليمية الجامعية وبرامجها التعليمية على المستوى الوطني.


وبالنظر إلى السمعة والمكانة وثقة المجتمع في القطاع التعليمي الجامعي، التي تُعّد إحدى أهم أهداف الجامعات والكليات العامة، يمكن أن تساعد تصنيفات الجامعات في تعزيز سمعة الجامعة والتعرف على علامتها التجارية وتأثيرها في المجتمع، وقد يُنظر إلى نتائج التصنيف الأعلى على أنها علامة على الجودة والتميز، والتي يمكن أن تجذب المزيد من الطلبة وأعضاء هيئة التدريس والتمويل، مما يؤدي هذا إلى نتائج اجتماعية واقتصادية وثقافية إيجابية للمؤسسة والمجتمع الذي تخدمه. ويمكن استخدام التصنيف أيضًا كأداة لضمان الجودة لتقييم فعالية سياسات وممارسات الجامعة، وأن يساعد الجامعات في تحديد مجالات التحسين والعمل نحو التحسين المستمر.

ومن الجدير بالاهتمام، تؤدي الجامعات دورًا مهمًا في مجتمعاتها المحلية، ويمكن أن تساعد التصنيفات الأعلى للجامعات على جذب المزيد من الموارد والدعم لبرامج التواصل والمشاركة المجتمعية، فضلًا عن مبادرات التنمية الاقتصادية. وغالبًا ما يستخدم الطلبة التصنيفات وسيلة لمقارنة الجامعات واتخاذ القرارات بشأن مكان الدراسة، حيث يمكن أن تجتذب التصنيفات الأعلى المزيد من الطلبة ذوي الجودة العالية، مما قد يحسن المعايير الأكاديمية العامة للمؤسسة، فضلًا عن جذب الباحثين والأساتذة الرائدين. والغالبية العظمى من الطلبة وأسرهم في السعودية سوف يستخدمون نتائج "صقر" لاتخاذ القرارات في اختيار الجامعات الذين يرغبون في الدراسة بها، لا سيما عند اختيار الجامعات والكليات الأهلية، الذي تقدم تعليمًا برسوم دراسية، وذلك لزيادة فرص الحصول على تعليم عالي الجودة وشهادة جامعية ذات سمعة عالية يمكن الاستناد إليها بالتوظيف.

وعلى جانب آخر، نتائج التصنيف سوف تكون أداة مهمة للاستدامة المالية، وإن التصنيف الأعلى للجامعات يمكن أن يعزز سمعة الجامعة، ويجعلها أكثر جاذبية للمانحين المحتملين من مؤسسات التمويل الفردية والمجتمعية الخيرية منها والاستثمارية، الذين قد يكونون أكثر ميلًا إلى المساهمة في مؤسسة يُنظر إليها على أنها مرموقة وناجحة وأكثر استحقاقًا للتمويل والمنح، وهذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى زيادة الإيرادات من الرسوم الدراسية وغيرها من مصادر الدخل وكسب ثقة مؤسسات الدعم المالي.

فضلًا عن ذلك، يمكن أن توفر تصنيفات الجامعات مِيزة تنافسية للمؤسسات التي تتطلع إلى تمييز نفسها عن أقرانها، ومنها الحصول على الموارد اللازمة للاستثمار في تحسين تجرِبة الطلبة، بما في ذلك المرافق والتقنيات وخدمات الدعم، ويمكن أن يؤدي هذا إلى مستويات أعلى من رضا الطلبة والاحتفاظ بهم. ودائمًا تمتلك الجامعات ذات التصنيف الأعلى المزيد من الموارد للاستثمار في تحسين المرافق، بما في ذلك المختبرات والمكتبات والفصول الدراسية، ويمكن أن يؤدي هذا إلى خلق بيئة أكثر ملاءمة للتعلم والبحث والابتكار. وأيضًا غالبًا ما تتمتع الجامعات ذات التصنيفات العالية بمجموعات طلابية أكثر تنوعًا ومناهج أكثر تطورًا، مما قد يفيد الطلبة في توفير منظور أوسع للمستقبل وإعدادهم لمهن في عالم مترابط بشكل متزايد. والجامعات ذات التصنيف الأعلى أكثر حرصًا على تقديم خريجين ناجحين ومنجزين، والذين يمكن أن يصبحوا سفراء للمؤسسة، ويساعدون على جذب الموارد والشراكات والاستثمار.

علاوة على ذلك، غالبًا ما يُبحث عن الجامعات ذات التصنيفات الأعلى كشركاء لمشاريع اجتماعية وبحثية تعاونية، سواء داخل مجتمع الجامعة أو مع شركاء خارجيين، ويمكن أن يؤدي هذا إلى فرص للبحث والابتكار متعدد التخصصات. وهو ما يكون مؤثرًا في تشكيل الاتجاهات الثقافية وتعزيز القضايا الاجتماعية، وقد تكون هذه الجامعات والكليات ذات التصنيف القوي في وضع أفضل لإحداث تأثير إيجابي على المجتمع. وغالبًا ما تتمتع الجامعات ذات التصنيف الأعلى بعلاقات دولية أقوى، وهو ما قد يكون مهمًا لبناء علاقات بالمؤسسات الأكاديمية والبحثية في جميع أنحاء العالم، ويمكن أن تؤدي هذه العلاقات إلى فرص جديدة للتعاون والبحث وتبادل المعرفة.

خِتامًا، يمكن استخدام التصنيفات لدفع التحسين الداخلي والابتكار داخل الجامعات والكليات، عن طريق تحديد المجالات التي تتخلف فيها عن أقرانها، كما يمكن للمؤسسات أن تركز جهودها على تحسين تلك المجالات، مما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى أفضل نتائج للطلبة وأعضاء هيئة التدريس. التصنيفات ليست المقياس الوحيد لجودة الجامعة ونجاحها، ولكنها تُعّد أداة مفيدة وقوية للجامعات والكليات لتقييم أدائها وتعزيز سمعتها وزيادة فرص التوظيف والتمويل وزيادة عدد الطلبة المميزين. ومن المفترض على الجامعات والكليات، وعلى وجه الخصوص الأهلية منها، على مُعالجة هذا الأمر لتقديم خِدمَات تعليمية وبحثية ومجتمعية مميزة، لتكون نتائج التصنيف عونًا لهم في استقطاب الطلبة وأعضاء هيئة التدريس لضمان استمرارية عمل هذه المؤسسات الحيوية.