( هذا ماجناه أبي عليَّ وما جنيت على أحد ). العبارة التي اختارها ابو العلاءالمعري لتكتب على قبره، تمثل فلسفة شيخ المعرة ونظرته للحياة. كان المعري يؤمن أن الحياة هي ديمومة أخطاء لا تنتهي، فعمَّق فكرته هذه أن يستأصل الأمر من جذره، فاستعف عن الزواج لينقطع عقبه.

المؤسف أن نهج المعري الذي يقوم على تعظيم السلبية والنظر للجانب المظلم، من الأمور لازال قائمًا بين الناس اليوم. نعم الإنسان هو تراكمات من الأخطاء تقوده إلى الصواب، ودروب من الجهل تحمله إلى سبل العلم، وكثير من الشك يُسلمه إلى اليقين.

إن شرطية الوجود تلزم اقتراف الأخطاء والولوج في دروب مظلمه، ولهذا أنزل الخالق جل في علاه التوبة والاستغفار والصبر. فوجود هذه المراتب الايمانية يلزم شرطية الخطأ، الأمر الذي أخفق فيه المعري وهو تقبل هذه المُسلَّمة الوجودية.


فهم ثنائية الخطأ والتوبة تجعل الإنسان متصالحًا مع تناقضات الحياة. إن تراكمات الأخطاء هي جزء من الكمال البشري التي تُكسب الإنسان عمق التجربة وسعة الأفق، متى ما كانت هناك محاسبة عميقة للنفس ،تشجعه على الإقدام وتحجمه عن تكرار الخطأ ذاته.