قالت وسائل إعلام رسمية يمنية إن الرئيس علي عبد الله صالح وصل الى السعودية اليوم الاربعاء 2011/11/23 لتوقيع مبادرة مجلس التعاون الخليجي لنقل السلطة.

ولم ترد تفاصيل أخرى عن مراسم التوقيع التي وجهت الدعوة إلى ممثلين عن المعارضة لحضورها.

وجاء هذا التطور بعد أن تمكن مبعوث الامم المتحدة جمال بن عمر وبدعم من الولايات المتحدة ودبلوماسيين أوروبيين من التوصل إلى تسوية لتنفيذ اتفاق نقل السلطة الذي صاغته الدول الست الاعضاء في مجلس التعاون الخليجي.

وقالت وكالة الانباء اليمنية (سبأ) إن صالح وصل هذا الصباح إلى الرياض في زيارة للمملكة بعد دعوة من القيادة السعودية لحضور توقيع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.

وتسبب الجمود السياسي بسبب الاحتجاجات التي تطالب بإنهاء حكم صالح الممتد منذ 33 عاما في اشعال الصراع مع الاسلاميين والانفصاليين في اليمن مما هدد بحالة فوضى في بلد تعتبره واشنطن خط مواجهة مع تنظيم القاعدة.

وقالت الوكالة اليمنية إن صالح تلقى اتصالا هاتفيا من بان جي مون الامين العام للامم المتحدة أمس الثلاثاء لشكره "على حرصه على الخروج من الأزمة التي تمر بها اليمن بالطرق السلمية."

وأثار التوتر أيضا خوفا من نشوب حرب أهلية في اليمن المتاخم للسعودية أكبر مصدر للنفط في العالم والحليف المهم للولايات المتحدة. وتخشى الولايات المتحدة التي دعمت صالح لفترة طويلة أيضا في حربهما ضد القاعدة من هذا الامر.

وذكر بن عمر أمس أنه يجري وضع اللمسات الاخيرة على تفاصيل توقيع المبادرة بعد الاتفاق عليها من حيث المبدأ وهي مرحلة تعرض فيها الاتفاق للانهيار من قبل.

وقال دبلوماسيون ومسؤولون في المعارضة إن صالح سافر إلى السعودية لان الامين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني رفض الذهاب إلى صنعاء لحضور مراسم التوقيع. وقال مسؤولون إن الزياني شعر بالحرج من قبل عندما أبقى صالح شخصيات كبيرة تنتظر قبل أن يرفض توقيع المبادرة.

واضطر صالح إلى السفر للسعودية للعلاج من إصابات لحقت به في محاولة اغتيال تعرض لها في يونيو حزيران بعد آخر مرة رفض فيها توقيع الاتفاق مما أسفر عن اشتباكات في الشوارع دمرت أجزاء من العاصمة صنعاء.

وتقضي المبادرة الخليجية بأن ينقل صالح كل سلطاته إلى نائبه عبد ربه منصور هادي الذي سيشكل حكومة جديدة مع المعارضة إلى جانب الدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسة مبكرة في غضون ثلاثة أشهر.

وقال مسؤول يمني أمس إن الاتفاق يلقى معارضة من بعض المسؤولين الكبار في حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم في اليمن.

ويحتفظ صالح بموجب الاتفاق بلقبه كرئيس لحين انتخاب الرئيس الجديد لليمن.

وذكر مسؤول يمني أن اللواء علي محسن الذي انشق عن الجيش اليمني بعد بدء الاحتجاجات في فبراير شباط وصادق الاحمر القائد القبلي قد يحاولان إعاقة الاتفاق. ومحسن والاحمر ليسا طرفا في المبادرة الخليجية.

ويمثل محسن والاحمر معادلا للقوة على الارض في مواجهة ابن صالح وقريب له يقود وحدة أمنية كبيرة ويرى محللون أنه لا يمكن لطرف حسم المعركة على الارض مما يجعل الحل السياسي السبيل الوحيد للخروج من حالة الجمود في اليمن.

الرئيس اليمني علي عبدالله صالح الذي يوقع اليوم الاربعاء في الرياض اتفاقا لنقل السلطة يمنحه خروجا مشرفا من الحكم وحصانة من الملاحقة، عسكري وبراغماتي محنك لعب دورا محوريا في التاريخ العاصف لبلاده طوال اكثر من نصف قرن.



وبعد اشهر من "الثورة السلمية"لاجباره على التنحي، استطاع من وصف حكمه لليمن ب"الرقص على رؤوس الثعابين" من الحصول على شروط جيدة لخروجه من السلطة، سيما انه سيبقى رئيسا شرفيا لمدة تسعين يوميا ولن يغادر الا مع اجراء انتخابات مبكرة كما اصر دوما.

فهذا اللاعب المحنك، لم يفر من بلده كنظيره التونسي السابق زين العابدين بن علي اللاجئ في السعودية، ولم يقتل مثل الزعيم الليبي معمر القذافي ولا هو سيحاكم مثل الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وحتى حزبه فلن يخرج من المعترك السياسي.

ودخل صالح معترك السياسة في 1962 خلال الانقلاب الذي اطاح بآخر الائمة الذين حكموا اليمن، وشارك في اقامة جمهورية اليمن العربية في مناطق معزولة وقاحلة تحكمها الاعراف القبلية.

وفي اعقاب ذلك، اندلعت حرب اهلية دعمت فيها مصر بقيادة جمال عبدالناصر العسكريين في الحكم، بينما دعمت السعودية، الجار الشمالي الكبير، القادة القبليين الموالين للامام. انتهت هذه الحرب في 1970.

وفي نفس الوقت، كانت مناطق جنوب اليمن الحالي تحت سيطرة البريطانيين خصوصا عدن والواجهة البحرية للبلاد. وغادر البريطانيون جنوب اليمن تحت وطأة انتفاضة واسعة النطاق في 1967، وقامت بعد ذلك جمهورية اليمن الشعبية الديموقراطية وعاصمتها عدن، واصبحت هذه الجمهورية تدور في فلك الاتحاد السوفياتي.

وفي 1978، اختير صالح الذي كان حينها في رتبة مقدم، من قبل هيئة تاسيسية ليحل مكان رئيس اليمن الشمالي احمد الغمشي الذي قتل في عملية دبرت في الجنوب.

وصالح، الذي ولد في 21 اذار 1942، احاط نفسه بنواة صلبة من المقربين الاوفياء، لاسيما اخوته الذين وضعهم في مواقع اساسية في النظام العسكري والامني. كما اعتمد على الحزب الحاكم، حزب المؤتمر الشعبي العام.

ولكن ليتمكن من حكم هذا البلد المعقد جدا، تماشى صالح مع التركيبة القبلية والتقليدية للبلاد التي تفتقر للثروات الطبيعية والتي يتمتع فيها شيوخ القبائل ورجال الدين بنفوذ كبير.

وينتمي صالح لقلبية سنحان، وهي احدى قبائل حاشد الاكبر والاقوى في اليمن، والتي خاضت قواته في الاشهر الماضية معارك طاحنة مع مناصري شيخ شيوخها صادق الاحمر.

وقال الخبير في شؤون اليمن فرانك ميرمييه "منذ العام 1978، اقدم صالح بهدف الحفاظ على نظامه، على دمج شيوخ القبائل في هيكلية الدولة، ومنحهم مقاعد في الحكومة وجعلهم يستفيدون من الدعم المالي الحكومي".

وعمل صالح في البداية على الوحدة مع الجنوب، وقد تحققت هذه الوحدة في 1990 بالتزامن مع سقوط الامبراطورية السوفياتية. وتحول صالح بعد ذلك الى اول رئيس لليمن الموحد، ولكن بعد اربع سنوات، استخدم الحديد والنار لقمع محاولة انفصالية في الجنوب.

وبعد 33 سنة في الحكم لم يحقق صالح تقدما في مستوى معيشة مواطنيه الذين يعيشون في احد افقر البلدان في العالم.

صالح متزوج واب لسبعة ابناء، وهو ينتمي الى الطائفة الزيدية، احدى الفرق الشيعية، ويشكل اتباعها ثلث سكان اليمن والغالبية في شمال البلاد.

الا ان صالح خاض منذ 2004 ست حروب مع متمردين زيديين في شمال البلاد، آخرها انتهى في شباط/فبراير 2010.

وتمكن صالح، وهو براغماتي بامتياز، من اجتياز عدة ازمات صعبة في الماضي، لا سيما الازمة التي نجمت عن اجتياح عراق صدام حسين للكويت في 1990.

وعاقبت السعودية اليمن لانه وقف الى جانب العراق، وقامت بطرد 700 الف عامل يمني ما حرم اليمن من مصدر مهم للدخل.

وبعد توحيد البلاد، جرت ثلاث انتخابات تشريعية في 1993 و1997 و2003، وانتخابات رئاسية في 1999 و2006 تم بموجبهما التجديد لصالح. وكان يفترض ان تنتهي ولايته الحالية رسميا في 2013.

وواجه صالح ايضا تنظيم القاعدة الذي اسسه اسامة بن لادن، السعودي المتحدر من اليمن. الا انه استخدم خطر هذا التنظيم من اجل تعزيز موقعه لدى الولايات المتحدة التي كان يحصل منها على دعم ب150 مليون دولار سنويا.

وواجه صالح منذ نهاية يناير حركة احتجاجية غير مسبوقة واصبح معزولا اكثر من اي وقت مضى الا انه ظل يسيطر على القسم الاكبر من القوات المسلحة وظل قادرا على تحريك مئات الالاف من المؤيدين في الشارع كل اسبوع.

وقد رفض 3 مرات، ودائما في اللحظة الاخيرة، التوقيع على المبادرة الخليجية بالرغم من تأكيده مرارا انه سيوقعها.

وفي احدى هذه المرات، حاصر مؤيدو صالح السفراء الخليجيين والاوروبيين في مبنى السفارة الاماراتية حيث كان يفترض ان يوقع الرئيس على المبادرة.

واصيب صالح في يونيو بجروح وحروق بالغة في هجوم استهدف مسجد القصر الرئاسي نقل على اثره مع مسؤولين كبار اصيبوا معه الى السعودية للعلاج. الا انه، وخلافا لكثير من التوقعات، عاد ليتابع ادارة الازمة.