يتشعب الحديث في وسائل التواصل الاجتماعي حول قرار وزارة التعليم بإحالة الطالب الذي يزيد غيابه على 25 يومًا إلى الدراسة بنظام الانتساب، وفي هذا الموضوع أمور متعددة يجب الوقوف عليها إذا ما أردنا تناول الموقف بشكل تفصيلي.

مبدئيًا القرار ليس جديدًا بل هو وارد في لوائح المواظبة المعمول بها منذ سنوات في المدارس، ولكن بعض الحسابات أوردته كخبر مستقل بعد أن قامت باجتزائه من سياقه التنظيمي الوارد في أدلة الوزارة، ثم تلى ذلك تداوله في أطروحات متعددة كانت في معظمها بعيدة عن واقع الميدان التعليمي.

قد لا تكون الدراسة بنظام الانتساب الشكل الأفضل في التعليم، لكنها في بعض الأحيان تكون أفضل ما يمكن، إذ أنها تمنح الطالب فرصة الحفاظ على معدل درجات مرتفع، حيث لا تحتسب له الدرجات المتعلقة بالمواظبة أو الواجبات والنشاطات ونحوها، فيمكنه هذا من الحصول على درجة موزونة في نهاية العام بأقل قدر ممكن من الفاقد.


من جهة أخرى التحول للانتساب هو الوضع الأفضل لمن لديهم موانع دائمة مثل الحالات الصحية المزمنة والحرجة أو السفرالمستمر لأسرة الطالب أو غيرها من الظروف المؤدية لانقطاع الطالب لعدة أيام عن مدرسته، فيجد نفسه أصبح بين خيار الانتساب أو تفويت العام الدراسي بسبب ظروفه غير المستقرة.

أما ما يتعلق بالانتساب «كعقوبة» كما يقال، وهذه حالة افتراضية -فيما أعلم- إلا أنها تبدو مناسبة في حال كان الغياب غير مسبب وناتج عن تذمر الطالب وأسرته من أمور مثل طول العام الدراسي أو ملل الطالب! ولكنها في هذه الحال ليست عقوبة خالصة إذ سيكون تحويل الطالب للانتساب، نوع من احترام إرادته وعدم إجباره على نمط تعليم محدد، وكذلك إشراكه و أسرته في تحمل المسؤولية.

لو نظرنا للمسألة بإنصاف وتمعن سنرى أن النظام احتاط بشكل كبير لرعاية الطالب مهما كان اختياره وظروفه، فالطالب كثير الغياب تدرس حاله وعقد جلسات توجيهية مكثفة له في المدرسة، يتخللها تحفيز الطالب والتواصل مع أسرته، وفق خطط مكتوبة ومعتمدة، فإذا لم تنجح المدرسة في مساعدته توجهه لوحدة التوجيه الطلابي في إدارة التعليم، وتعقد له جلسات أخرى، وتقف الإدارة على أسبابه وأوضاعه قبل أن يتخذ قرار التحويل، إضافة لذلك يسمح للطالب بالعودة للانتظام في الفصل التالي إذا رغب، ولا يجبر على مواصلة العام الدراسي منتسبًا، كما تجدر الإشارة إلى أن الانتساب لا يعني الانقطاع عن التعلم إذ وفرت الوزارة عبر منصاتها وقنواتها التعليمية كل ما يحتاج إليه الطالب من شروحات ودروس وإمكانيات للتواصل مع مدرسته و معلميه.

بقي أن نقول إن نظام الانتساب أو ما يعرف بـ«التعليم المنزلي» هو خيار مطروح في كل أنظمة العالم التعليمية، وقد تطلبه الأسر ذات الظروف الخاصة لأبنائها، وبناء على ما نرى من التحولات في طبيعة الجيل، فسوف أذهب إلى أبعد من ذلك وأقول: إن التعليم المنزلي قد يكون الأكثر انتشارًا في المستقبل.