ووفقا للشبكة، فإن السعودية أصبحت قبلة رئيسية للمهنيين الذين يهدفون إلى التقدم في حياتهم العملية وتحسين نوعية حياتهم في بيئة تسود فيها قوانين واضحة تحمي الحقوق، مضيفة أن المدن النابضة بالحياة وجودة الحياة العالية والتعليم والصحة وتكلفة المعيشة تجعل الإقامة في المملكة خيارا مغريا للعيش والعمل.
ومما يكسب هذا التقرير أهمية قصوى أنه يتزامن مع حملة شعواء تشنها دوائر أدمنت الكراهية تمثلت في الترويج للفيلم الهندي الهابط «حياة الماعز» الذي يزعم مروجوه ومن يقفون وراءه أنه يعكس حياة العمال الأجانب في المملكة، ويكشف ما يتعرضون له من ظلم على أيدي «الكفلاء».
بداية فإن الفيلم يتسم بالضعف الشديد وعدم التماسك حيث يصيب المشاهدين بالملل من التكرار وعدم وجود حبكة مقنعة، فهو يركز بصورة أساسية على تقديم سرد ضعيف ومفتعل لكيفية مصادرة حقوق العمال واستعبادهم. ويصور الإنسان السعودي خصوصا والعربي على وجه العموم على أنه جشع وانتهازي لا يفكر إلا في تحقيق مصالحه، إلى غير ذلك من الأوصاف البذيئة التي يعف اللسان عن ذكرها والتي لا تعكس الحقيقة بأي حال من الأحوال.
هذه الصورة الوهمية التي يريد كثير من أعداء النجاح وأصحاب الأهواء أن تكون إطارا نمطيا عاما عن إنسان هذه البلاد لا توجد إلا في خيالاتهم المريضة، لأن الإنسان السعودي والعربي عرف على الدوام بصفاته الأصيلة التي استمدها من تعاليم دينه الحنيف، وتقاليد مجتمعه التي تقوم على الشهامة والكرم والمروءة.
وللتأكيد على سوء نية من يقفون وراء هذا العمل الهزيل فإن هناك ما يزيد على 9 ملايين عامل أجنبي يعملون في السعودية، من بينهم مليون و800 ألف هندي، بلغت قيمة الأموال التي حولوها إلى بلدانهم خلال العام الماضي فقط 124.9 مليار ريال سعودي، مما كان له أكبر الأثر في تحسين حياة عائلاتهم وتطويرها، فلماذا لم تسلّط الأضواء على كل هؤلاء وتم التركيز فقط على بطل الفيلم الذي يزعم أنه تعرض للاستغلال؟
لذلك فإن وجود هذه الملايين من العمالة الوافدة وتجاربها الناجحة في المملكة سوف يشكّل أبلغ رد على الحالات الشاذة التي يريد البعض تنميطها وتصويرها والترويج لها على أنها الوضع السائد، في أبلغ تجسيد لما يسمى بثقافة القطيع. فمعظم من شاركونا رحلة بناء هذه البلاد وتعميرها وعاشوا بيننا كراما أعزة جمعتنا بهم علاقات طيبة، بل إن بعضهم رفض مغادرة المملكة واتخذها وطنا.
وحتى إذا افترضنا جدلا أن قصة الفيلم حقيقية، فهل هذا يعني أن فردا واحدا يمكن أن يمثّل دولة يزيد عدد سكانها على (35) مليون شخص؟ نعم نحن لسنا مجتمعا من الملائكة، ولم نقل يوما ذلك، لكننا ندرك جيدا ويدرك معنا كثيرون أن معظمنا أصحاب نخوة ومروءة، نرفض اضطهاد الضعفاء ونؤدي حقوق الغير، ونترفع عن الظلم، وأن المملكة العربية السعودية هي دولة قوانين، تحكمها تشريعات وأنظمة واضحة يقف أمامها الجميع سواسية دون تمييز، صغيرهم وكبيرهم، دون مراعاة لأي منصب أو عرق أو نسب.
وقد شهد العالم أجمع أن السعودية أنجزت خلال الفترة الماضية أكبر طفرة تشريعية في تاريخها، حيث تم إقرار وتعديل العديد من الأنظمة والقوانين، مع التركيز الواضح على ما يتعلق بحقوق الإنسان وضمان عدم تعرضه للاستغلال وسوء المعاملة، ويكفي للتأكيد على ذلك الإشارة إلى أن عدد القوانين المرتبطة بحقوق الإنسان والتي تم تطويرها خلال بضع سنوات قلائل تجاوز 70 قانونا. كما تم إنشاء العديد من المحاكم المختصة بالنظر في القضايا العمالية، لضمان سرعة البت فيها.
ومع أن المملكة لم تشغل نفسها في حالات مشابهة كثيرة بالرد على مثل هذه الترهات التي تهدف للإساءة إليها وتشويه صورتها الناصعة، إلا أن توقيت صدور هذا الفيلم المشبوه، والهالة الإعلامية الضخمة التي رافقته تضع أكثر من علامة استفهام، لأن السعودية تقطع في هذا الوقت بالذات خطوات واسعة على طريق الحوكمة والمؤسسية، وتضيف إلى رصيد إنجازاتها المتلاحقة نجاحات لافتة على كافة الأصعدة، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
السؤال الآخر هو لماذا تأخر إنتاج الفيلم طيلة هذه الفترة، حيث يزعم من يقفون وراء هذه القصة المبالغ فيها أنها حدثت قبل 33 عاما؟ والإجابة بطبيعة الحال تحمل دلائل واضحة حول الجهات التي تقف وراء تمويل الفيلم رغبة في الإساءة للمملكة وتحقيق أهداف خاصة بها.
وأيا كانت الأهداف، ومهما تعدد الكارهون، فإن المملكة ستظل تمضي في طريقها المزدهر، شاء من شاء وأبى من أبى، وستواصل قيادتها الرشيدة مساعيها المباركة لترقية واقعها وتطوير مستقبلها، ليبادلها الشعب النبيل بالوفاء والمزيد من الولاء والانتماء، ولن تلتفت لأصحاب الأصوات المنكرة الذين ينعقون ويهرفون بما لا يعرفون ويحاولون أن يحجبوا ضوء الشمس الساطع بغربال مهترئ قديم.