تكشف دراسة جديدة أن الأصوات التي يصدرها الأطفال في عامهم الأول من العمر ليست عشوائية - فهي استكشافات مدروسة في عالم التواصل الصوتي. يوفر البحث، الذي أجراه فريق من الباحثين من جميع أنحاء الولايات المتحدة، رؤى قيمة حول المراحل المبكرة من تطور الكلام وكيف يتدرب الأطفال على إصدار أصوات مختلفة.

استكشاف صوتي

يشير العلماء إلى أننا عندما نفكر في الأطفال الذين يتعلمون التحدث، فإننا غالبًا ما نركز على كلماتهم الأولى. ومع ذلك، قبل وقت طويل من قول الأطفال «ماما» أو «دادا»، فإنهم يمرون بمرحلة مهمة من الاستكشاف الصوتي. خلال هذا الوقت، ينتجون مجموعة متنوعة من الأصوات التي ليست كلمات تمامًا ولكنها حجر الأساس الحاسم نحو الكلام. تسمى هذه الأصوات المبكرة «البروتوفونات»، وهي تشمل ثلاثة أنواع رئيسية: الصراخ (أصوات عالية النبرة)، والهدير (أصوات منخفضة النبرة أو قاسية)، والأصوات المنطوقة (أصوات تشبه الحروف المتحركة).


إنتاج الأصوات

كان الباحثون مهتمين بشكل خاص بكيفية إنتاج الأطفال لهذه الأنواع المختلفة من الأصوات بمرور الوقت. لاحظوا أن الأطفال غالبًا ما يصدرون أنواعًا معينة من الأصوات في مجموعات - على سبيل المثال، قد يصدر الطفل عدة صرخات متتالية، ثم يتحول إلى إصدار أصوات منبثقة لفترة من الوقت. يشير سلوك التجمع هذا إلى أن الأطفال يمارسون هذه الفئات الصوتية المختلفة، وهي خطوة مهمة في تطوير القدرة على إنتاج الأصوات المتنوعة اللازمة للكلام. وللتحقق من هذه الفكرة، أجرى فريق البحث دراسة واسعة النطاق شملت 130 رضيعًا في مرحلة النمو الطبيعي. وسجلوا أصوات هؤلاء الأطفال في منازلهم مرة واحدة شهريًا طوال عامهم الأول من العمر، باستخدام أجهزة تسجيل خاصة تعمل طوال اليوم. وسمح هذا النهج للباحثين بالتقاط صورة شاملة لكيفية إصدار الأطفال لأصواتهم في بيئتهم الطبيعية.

نتائج الدراسة

كانت نتائج الدراسة، التي نُشرت في مجلة PLOS ONE، مذهلة. فقد اكتشف الباحثون أن الأطفال أظهروا أنماطًا واضحة في تجميع أصواتهم منذ سن مبكرة للغاية. وفي الواقع، أظهر الأطفال طوال العام الأول من حياتهم أنماطًا غير عشوائية في إنتاج الصراخ والهدير. وهذا يعني أنه بدلاً من إصدار هذه الأصوات بشكل عشوائي، بدا أن الأطفال يشاركون بنشاط في ممارسة فئات صوتية محددة.

يقول الدكتور بومبكي لي سو، الأستاذ المساعد في الكلام واللغة والسمع بجامعة تكساس في دالاس، في بيان صحفي: «لاحظنا في هذه الدراسات أن الأصوات التي يصدرها الأطفال لا يتم إنتاجها عشوائيًا؛ بل تشكل نمطًا، وتنتج ثلاث فئات من الأصوات في مجموعات». «تضمنت التسجيلات المنزلية التي قمنا بتحليلها أوقاتًا كان فيها الكبار يتفاعلون مع أطفالهم وأوقاتًا كان فيها الأطفال بمفردهم، مما يدل على أن الأطفال يستكشفون قدراتهم الصوتية مع أو دون مدخلات لغوية من شخص بالغ».