لا تزال غارات الاحتلال الإسرائيلية تقتل الفلسطينيين، وتضاعف من معاناتهم في ظل خوف العاملين في مجال الإغاثة والصحة من تفشي مرض شلل الأطفال. وبينما أعرب الوسطاء عن تفاؤلهم بالتوصل إلى اتفاق وشيك لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، اندلعت المزيد من أعمال العنف، وأسفرت غارة جوية إسرائيلية عن مقتل 18 شخصا على الأقل، جميعهم من العائلة نفسها.

ويأتي الهجوم بعد أيام من إعلان وزارة الصحة في غزة أن عدد القتلى تجاوز 40 ألف شخص خلال الحرب المستمرة منذ عشرة أشهر، وبعد ساعات من اختتام مسؤولين من الولايات المتحدة ومصر وقطر يومين من محادثات وقف إطلاق النار برسالة أمل في إمكان التوصل إلى اتفاق.

حرب أوسع


وقال بيان مشترك للوسطاء إنه تم تقديم اقتراح لسد الفجوات بين إسرائيل وحماس، ومن المتوقع أن يعملوا على وضع تفاصيل كيفية تنفيذ الاتفاق المحتمل الأسبوع المقبل في القاهرة.

وأوضح البيان أن جهود الوساطة لا تهدف فقط إلى تأمين إطلاق سراح العشرات من الرهائن الإسرائيليين ووقف القتال الذي دمر غزة، بينما يخشى العاملون في مجال الإغاثة والصحة تفشي مرض شلل الأطفال، بل إنها تهدف أيضا إلى تهدئة التوترات الإقليمية التي هددت بالانفجار في حرب أوسع نطاقا إذا هاجمت إيران ومسلحو حزب الله في لبنان إسرائيل ردا على عمليات القتل الأخيرة لكبار القادة المسلحين.

استهداف المخزون

وأفاد مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، حيث تم نقل المصابين، بأن غارة جوية إسرائيلية استهدفت منزلا ومخزنا مجاورا للنازحين عند مدخل بلدة الزوايدة، ومن بين القتلى سامي جواد العجلة، وهو تاجر جملة كان ينسق مع الجيش الإسرائيلي لإدخال اللحوم والأسماك إلى غزة، ومن بين القتلى أيضا زوجتاه و11 من أبنائه الذين تتراوح أعمارهم بين عامين و22 عاما وجدة الأطفال وثلاثة أقارب آخرين، وفقا لقائمة قدمها المستشفى.

وقال الجيش الإسرائيلي، الذي نادرا ما يعلق على الغارات الفردية، إنه يتحقق من صحة التقرير.



في الوقت نفسه، صدرت أوامر بإخلاء جماعي آخر لأجزاء من وسط غزة. وفي منشور على موقع X، قال المتحدث العسكري الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إن الفلسطينيين في المناطق داخل وحول مخيم المغازي للاجئين يجب أن يغادروا. وأشار إلى أن القوات الإسرائيلية ستنفذ عمليات في هذه المناطق ردًا على إطلاق الصواريخ الفلسطينية.

وقد نزح الغالبية العظمى من سكان غزة بسبب القتال، وفي كثير من الأحيان مرات عدة، بينما تم وضع نحو 84 % من الأراضي تحت أوامر الإخلاء من قِبل الجيش الإسرائيلي، وفقا للأمم المتحدة.

خطة الوسطاء

وقد أمضى الوسطاء أشهرا في متابعة خطة من ثلاث مراحل، تفرج فيها حماس عن الرهائن مقابل وقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، والإفراج عن الفلسطينيين المسجونين لدى إسرائيل.

وقد اكتسبت الجهود إلحاحا جديدا في الأسابيع الأخيرة مع أمل الدبلوماسيين في أن يقنع الاتفاق إيران وحزب الله اللبناني بالامتناع عن الرد على مقتل قائد كبير في حزب الله بغارة جوية إسرائيلية في بيروت، ومقتل زعيم سياسي بارز في حماس إثر انفجار في طهران، أُلقي باللوم فيه على نطاق واسع على إسرائيل.

تنفيذ المقترح

وفيما يبدو أنه علامة على الثقة، بدأ الوسطاء الاستعدادات لتنفيذ مقترح وقف إطلاق النار حتى قبل الموافقة عليه، حسبما قال مسؤول أمريكي.

وأوضح المسؤول أنه تم إنشاء «خلية تنفيذية» في القاهرة، للتركيز على الأمور اللوجستية، بما في ذلك تحرير الرهائن، وتقديم المساعدات الإنسانية لغزة، وضمان تنفيذ شروط الاتفاق.

لكن حماس شككت في إمكان التوصل إلى اتفاق قريب، قائلة إن الاقتراح الأخير انحرف بشكل كبير عن الاقتراح السابق الذي قبلته من حيث المبدأ. وقد اتفق الجانبان من حيث المبدأ على خطة أعلنها الرئيس الأمريكي جو بايدن في 31 مايو، لكن حماس اقترحت تعديلات عليها، بينما اقترحت إسرائيل توضيحات، مما دفع كل جانب إلى اتهام الآخر بمحاولة عرقلة الاتفاق.



وبيّن المسؤول الأمريكي أن الاقتراح الأخير هو نفسه الذي قدمه بايدن مع بعض التوضيحات استنادا إلى المحادثات الجارية. وأضاف أن الطريقة التي تمت بها هيكلة الاقتراح لا تشكل أي خطر على أمن إسرائيل، بل تعززه.

وقد رفضت حماس مطالب إسرائيل التي تتضمن وجودا عسكريا دائما على طول الحدود مع مصر، وإقامة خط يقسم غزة، لتفتيش الفلسطينيين العائدين إلى منازلهم من أجل القضاء على المسلحين.

لكن إسرائيل أظهرت مرونة خلال المحادثات بشأن الانسحاب من الممر الحدودي، ومن المقرر عقد اجتماع بين مسؤولين عسكريين مصريين وإسرائيليين في الأسبوع التالي للاتفاق على آلية الانسحاب، وفقا لمسؤولين مصريين تحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتهما، لأنهما غير مخولين بمناقشة المفاوضات الخاصة.

وفي حين أصرت إسرائيل على الاحتفاظ بالسيطرة على الطريق الذي يقسم غزة، تعهد الوسطاء الأمريكيون بالعودة للمحادثات الأسبوع المقبل مع حل وسط بشأن هذا المطلب، بحسب المسؤولين.