في اجتماع لخادم الحرمين الشريفين مع أبنائه المبتعثين في الولايات المتحدة، أفصح لهم عن قراره بإيقاف التنقيب عن النفط حفاظا عليه للأجيال القادمة.

هذا القرار يرسم استراتيجية اقتصاد المملكة وقطاع صناعة الطاقة العالمي لعقود قادمة. فوقف أعمال التنقيب والاستكشافات النفطية يعني أن المملكة لن تضيف إلى مخزونها النفطي المثبت، بل إنها ستقوم باستهلاك احتياطياتها الحالية التي تصل إلى ما يقارب 670 مليار برميل، نحو 20% من إجمالي الاحتياطيات النفطية المثبتة عالميا.

هذه الأرقام تمكن المملكة من الاستمرار بإنتاج النفط وتصديره للأسواق العالمية لمدة لا تقل عن 55 سنة بمستويات الإنتاج القصوى الحالية، الأمر الذي يضع سقفا أعلى لمتطلبات أسواق الطاقة العالمية من أكبر منتج للنفط، وحدا زمنيا واضحا للاقتصاد السعودي حتى يتحول عن الاعتماد على النفط إلى صناعات أخرى.

بالنسبة للاقتصاد السعودي، فإنه يواجه العديد من التحديات الصعبة، أهمها الزيادة المطردة في أعداد السكان، ما سيؤثر على نصيب الفرد من الدخل القومي.

وحتى نضمن للأجيال القادمة تمتعها بمستوى معيشي ملائم للتقدم الحاصل في الاقتصاد السعودي، فلابد من رفع كفاءة الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل.

خطوة إيقاف التنقيب ستحتفظ بمخزونات كبيرة للأجيال القادمة، لكن الخطوة ليست إلا جزءا من استراتيجية واسعة لابد من تبنيها. فالزيادة في عدد السكان تعني زيادة استهلاك الطاقة، الأمر الذي سيحد من قدرة الأجيال القادمة من الاستفادة من مبيعات هذا المخزون. ولذلك فإن هذه الاستراتيجية لابد أن تمتد لتشمل كافة الأصعدة الاقتصادية، وأهمها المالية.

في عدد من الدول النفطية مثل الكويت والنرويج، تقوم الدول بإنشاء صناديق استثمارية تدخر جزءا من إجمالي العائدات النفطية للأجيال القادمة.

السعودية استفادت من الارتفاعات الكبيرة في أسعار النفط، وتمكنت بموجبها من تكوين احتياطيات مالية كبيرة، ولكنها لا تلعب دورا كبيرا في تنمية الاقتصاد المحلي. الخطوة التالية تكون في إعادة جزء من هذه الأموال للوطن للمشاركة في نهضة اقتصادية جديدة مماثلة لما حدث في ثمانينيات القرن الماضي بتأسيس شركات عملاقة تهدف في أساسها إلى توظيف أكبر عدد ممكن من أبناء الوطن، بالإضافة إلى الربحية وتوطين الصناعات المتقدمة. هذه الشركات والاستثمارات المحلية سترفع من المستوى المعيشي للمواطن، وستشكل جزءا من الحل لأجيال لم تولد بعد. عن تحقيق هدف النهضة الاقتصادية المتمثلة في تخفيض نسبة البطالة ورفع مستوى دخل الفرد، فمن الضرورى تخصيص جزء من العوائد النفطية الحالية والمستقبلية للأجيال القادمة، ما يؤسس لشبكة آمنة يمكن الاستفادة منها للتغلب على أي تقلبات أو تغيير جذري في صناعة الطاقة والنفط، مصدر الدخل الرئيس.