على الرغم من الشكوى الكبيرة من ارتفاع حرارة أغسطس في دول الخليج، إلا أنه يحظى فيها بكثير من الاهتمام البالغ، وله تباشيره من خيرات الأرض والبحر، حيث يترقب السعوديون التغيرات الجوية المتناقضة ما بين بدايته ونهايته، حيث يبدأ بموسم المرزم شديد الحرارة والرطوبة والمحمل بالرياح والغبار، وينتهي بظهور نجم سهيل الذي تنتعش فيه الأجواء مائلة نحو الاعتدال، مع انتعاش موسم الرطب في الأسواق، وانطلاق موسم الروبيان الذي يفجر حماسة الصيادين وتتسابق لأجله مراكب الصيد.

مواسم وأنواء

يعد أغسطس من أطول شهور السنة الميلادية وأشدها حرارة، وحسب ما ذكر الفلكي، المؤرخ عادل السعدون فإن الموسم الصيفي الثاني أو ما يسمى بـ«چلة الصيف» فإنه يبدأ بموسم المرزم، حيث يبدأ من 29 يوليو وحتى 10 أغسطس.


‏ويقول العامة «لا دخل المرزم أمل المحزم»، وهي كناية عن بدء شد المحزم على وسط الجسم والصعود إلى أعلى النخلة لجني الرطب. كما يقال «يا خراف الزم» ‏والخرافة هي انتقاء وجمع الرطب المنتصف النضج من العثق.

وبموسم المرزم تستمر الحرارة كما هي مرتفعة وتبلغ حوالي 50 درجة مئوية.

رطوبة ثم اعتدال

الموسم الأخير من «چلة الصيف» هو موسم الكليبين الذي يبدأ من 11 أغسطس حتى 23 منه، وفيه ترتفع رطوبة الجو بسبب رياح الكوس وهي رياح جنوبية شرقية دافئة تمر بمسطح الخليج العربي، وتحمل معها بخار الماء مما يسبب رطوبة مزعجة في بعض الأيام، وبعده يبدأ موسم نجم سهيل في 24 أغسطس، وبه يعتدل الجو.

موسم اللؤلؤ

يوضح الباحث الفلكي سلمان الرمضان أن المرزم نجم كان يقال له عند العرب القدماء مرزم الذراع، وتنشط فيه رياح السموم اللاهبة، وتسود فيه الرياح الشمالية الشرقية، وتهب فيه أحياناً العواصف الترابية، ويكثر الرطب في كثير من النخيل، وخلاله كان يتم استخراج اللؤلؤ من قاع الخليج العربي، ويرتفع نشاط وهياج الأفاعي والزواحف بمختلف أنواعها، وتنتشر بشكل كبير خلال فترة الليل بسبب ازدیاد معدلات الرطوبة خصوصاً على السواحل.

خراف الرطب

ذروة القيظ أو درجة الحرارة المرتفعة لها دور فعال في سرعة نضج الثمر، ومن بينها الرطب.

ومع أن حرارة أغسطس العالية وارتفاع مستوى الرطوبة لا يروقان لأحد، إلا أن الفلاحين يتباشرون بحصاد الرطب وخرافه والشروع بمرحلة الاتمار، وتنتعش على إثر ذلك الأسواق بوفرة أصناف الرطب.

ويفتتح موسم الرطب غالباً برطب الماجي، ثم يأتي بعدها أصناف أخرى مثل البجيرة، الغرة، الخلاص، الخنيزي، المرزبان، الحلاو، الهلالي، البرحي، وصولاً إلى خصبة العصفور.

تين وعنب

سرعة نضوج الثمار الصيفية في أغسطس الحار لا تقف عند الرطب فقط، فهناك عدد من الثمار التي تكون جاهزة للقطاف، ومن بينها العنب والتين والخوخ.

وبحسب تقرير وزارة البيئة والمياه والزراعة، فالمملكة تنتج أكثر من 26.66 ألف طن من فاكهة التين سنويًا، وتحقق منها اكتفاءً ذاتيًا بنسبة تتجاوز 107 %، كما كشفت الوزارة أن إنتاج المملكة السنوي من محصول العنب يبلغ (101.569) طنا، بينما تبلغ المساحة المزروعة (3.746.8) هكتار، وأن الاكتفاء الذاتي للسعودية من العنب يبلغ 59%.

موسم الروبيان

انطلق موسم الروبيان متزامنا مع أول أغسطس الجاري، وأشعل حماسة الصيادين وأنعش أسواق السمك بتوافد المواطنين والمقيمين لشراء الروبيان، ويستمر موسم صيد الروبيان في الخليج العربي قرابة 6 أشهر، وتتفاوت الأسعار في بداية وخلال وحتى نهاية الموسم.

ولأجل تسهيل مهمة الصيد أعلن فرع وزارة البيئة والزراعة والمياه بالمنطقة الشرقية في بيان له أنه صرّح لـ710 مراكب صيد من فئة مراكب الصيد الكبيرة «اللنش» ومراكب الصيد الصغيرة الموجودة في كل من مرفأ منيفة بـ30 مركب صيد، ومرفأ السفانية بـ20 مركب صيد، ومرفأ الجبيل 330 مركب صيد، ومرفأ القطيف 160 مركب صيد، ومرفأ جزيرة دارين 170 مركب صيد.

وبحسب بيان الوزارة فإن حصيلة صيد الروبيان خلال الموسم الماضي بلغت قرابة (15000) طن منها (13500) طن من مصيد القوارب الكبيرة، و(1500) طن من مصيد القوارب الصغيرة، حيث تتفاوت أسعار الروبيان بحسب الحجم، وقد بلغ سعر الطن للروبيان للحجم الصغير (8600) ريال، والوسط (14200) ريال، والكبير (57000) ريال.

غلاء الأسماك

كما تؤثر الرياح الحارة على نضج الرطب، فهي تؤثر كذلك على ممارسة صيد الأسماك التي تقل مع ارتفاع حرارة الجو.

ويذكر النوخذة حسين آل طالب أن استعداد غالبية الصيادين لموسم الروبيان، يدفعهم لوقف مراكبهم عن دخول البحر قرابة أسبوعين قبل الموسم، ولذلك تسجل أنواع مختلفة من الأسماك مثل الهامور والصافي والكنعد ارتفاعاً في قيمتها، ويرجع سبب ارتفاع سعرها إلى قلة كمياتها في السوق، فيما تكون أسعار القرقفان والأسماك الصغيرة مناسبة جدا وذلك يرجع لتوافرها بشكل معقول.

وعن أسعار الأسماك قال «شح الأسماك المحلية يجعلها مرتفعة القيمة، فالهامور الكبير يتراوح سعره بين 50 إلى 55 ريالاً للكيلو الواحد، فيما يرتفع سعر الهامور الصغير أكثر ليصل إلى 70 ريالاً للكيلو، ويصل سعر سمك الصافي إلى 50 ريالاً للكيلو الواحد، ولفت إلى أن ما يوجد عادة في السوق بسعر جيد هو للسمك المستورد، أما المحلي منه فهو يعاني شح الحضور وارتفاع السعر».