أكد «روائي» سعودي أن العلاقة بين الأدب والتاريخ علاقة تكاملية، وأن الأدب يصور حياة الناس، والتاريخ يسجل ما يحل بالناس من حروب وكوارث وتغيرات سياسية، وما يسجله التاريخ يشكل مادة خصبة للأدب، خاصة الرواية، فهي أهم أشكال الأدب التي تتجلى فيها هذه العلاقة الوطيدة، حيث تتناص الرواية والتاريخ ويتقاربان، لأنهما يدوران حول محور واحد هو الإنسان والمجتمع، وأن التاريخ يتناول الأحداث، بينما تتناول الرواية الخبرات والتجارب المعيشة، وأن الصورة الأكثر وضوحا في علاقة الأدب بالتاريخ كانت من خلال الرواية أولا. وإن الاختلافات بين المؤرخ والروائي اختلافات محدودة وغير جوهرية، وأن تاريخ المجتمع بأكمله يرتسم على الجدران والأثاث والثياب.

سرد تقريري

أبان الروائي السعودي، عبدالله العبدالمحسن، في محاضرة نقدية، بعنوان: «الرواية تكتب التاريخ»، في جمعية أدباء بالأحساء، وأدارها الدكتور راشد الرحيمان، أن المؤرخ يسجل الوقائع، يدرسها باحثًا عن الأسباب المؤثرة في صنعها، ليستخلص الدروس، قد يتعرض للحياة الاجتماعية، والأنشطة الاقتصادية السائدة، يحصي السكان، ويصف حالهم، ويعنى ببعض التفاصيل، لكن تظل سردًا تقريريًا خاليًا من النبض بخلاف الروائي، الذي يتجاوز ذلك يجعلنا نعيش تلك الحياة ونتفاعل معها، ونطوف في الأسواق والطرقات، ونرى الناس والسلع، ندخل المجالس والبيوت، نرى معمارها وأثاثها، نسمع أطراف الأحاديث الدائرة فيها.


ليست بدعة

قال العبدالمحسن: الكاتب لا يتركنا واقفين أمام السوق ليحدثنا عن السلع وأسعارها، ومن أي البلدان تستورد، كما يفعل المؤرخ، الأديب يدخلنا السوق، يطوف بنا بين ممراتها، يوقفنا أمام واجهات المحلات، ويسمعنا الحوار الدائر بين البائع والمشتري، مضيفًا أن الاستعانة بالأدب على الخصوص الملحمة والرواية لكتابة التاريخ ليست بدعة، لإن صدى الأحداث الكبيرة تتردد في الأدب شعرًا ونثرًا، لذا أولى المؤرخون على مر الأزمنة الأعمال الأدبية عناية خاصة واهتماما كبيرا، لأنهم تعودوا أن يعثروا في ثناياها على معلومات قيمة، وتفاصيل وافية عن الحياة، لا تقل أهمية ومصداقية عما تتضمنه المدونات التاريخية، والوثائق الرسمية، ومصنفات الرحالة، وما تكشف عنه العلوم الإنسانية ذات الصلة بالتاريخ كعلم الآثار، وعلم الأعراق الأثنوجرافيا، وعلم الإنسان الأنثروبولوجيا.