الواسطة وسيلة شائعة، يتم اللجوء لها حينما يستعصي على الإنسان تحقيق أمر من أموره الحياتية. وهي ما يُقدم في قالب الشفاعة من صاحب مكانة أو حظوة ونفوذ، إلى من بيده قرار إدراك هذه الحاجة أو تلك . والشفاعة نوعان، شفاعة حسنة في الخير، يرجى منها الوصول للحق ودفع ضرر أوجلب منفعة للناس، وتمكين صاحب حق من حقه المشروع دون أن يترتب على ذلك ضرر أوظلم للغير. ومثل هذه الشفاعة مأجورة محمودة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(خير الناس أنفعهم للناس). النوع الآخر الشفاعة السيئة وهي التي تحول دون وصول الحقوق لأصحابها ،أويترتب عليها ضرروغبن بتعطيل حَدْ أو حرمان صاحب حق من حقه، بتغيير مسار العدالة وخلط للأوراق، فتقدم البعيد وتُبعد القريب وتُخفظ وترفع بالمحاباة أوالمحسوبية والتمييز. وربما مثل هذه الواسطة تختبئ تحت عباءة الفساد المذموم الذي يُهمس له بالجملة الشهيرة(مايُخدم بخيل).

الشفاعة وسيلة مشروطة بالضوابط الشرعية التي تبيحها وتجيز استخدامها النصوص الثابته في الكتاب والسنة وما أجمع عليه العلماء، قال تعالى الآية 85 سورة النساء(من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفلٌ منها). وفي ذلك تنبيه ونذير على أن الشفاعة في أمر الخير من التعاون على البروالتقوى، ولصاحبها ثوابها . والشفاعة في أمر من أمور الشر فذاك من التعاون على الإثم والعدوان وصاحبها عليه إثمها وعقابها. فالكيّس الفطن من إتقى ونأى ونجى بنفسه بعيداً عن ذلك الوزر الثقيل والسلوك المقيت ومايلحقه من عواقب وخيمة بفاعله، ومن أضرار على الفرد والمجتمع. وماأجمل الشفاعة في قضاء حوائج الأخرين بنقاء واحتساب، وماأقبح شفاعة هضمت جهود مجتهد، وصادرت حق مستحق من صاحبه. يبقى الرادع من اساءة استخدام هذه الوسيلة الفضفاضة، هو الوازع الديني والأخلاقي والإنساني، بالإضافة الى أهمية الإجراء القانوني الصارم .