راجعت سفارة خادم الحرمين بجمهورية مصر العربية وبالتحديد (مكتب السفير) من أجل شفاعة حسنة لشخص. أحداث القصة تبدأ بدخولي السفارة طبعاً لا تسأل عن الإجراءات الأمنية المعتادة، دقة يصاحبها مرونة تنم عن حسن تعامل وفن راق لشخصية المفتش. طلبت مقابلة السفير - وهي المرة الأولى التي أدخل فيها على أحد السفراء - أجلسوني في صالة الانتظار مع من ينتظر من الرجال والنساء. جلست والصمت يطبق على المكان لا أعرف هل هي هيبة المكان أم كل واحد مشغول بما يدور في ذهنه من الأمور التي أتى من أجلها؟ المهم جاء الدور للدخول على السفير أدخلوني على الصالون المقابل لمكتب السفير، دخلت وجلست بجانب شاب يظهر على ملامحه القلق والاضطراب سألته أين السفير؟ وأشار بيده نحو باب مغلق قلت: هل دخلت عليه؟ قال : لا . . لم يقطع حديثي القصير إلا فتح الباب خرج السفير بنفسه واستدعى هذا الشاب وجلست أنتظر دوري. والحق أني أصبت بما أصيب به هذا الشاب من القلق والاضطراب والتفكير في هذا الموضوع الذي أتيت من أجله. حتى إن وساوس الشيطان أصبحت لها في ذهني صولات وجولات (أنت طالب وخلك في دراستك أحسن ما لك ومال الناس؟ السفير ربما يرسلك على السكرتير وربما تلقى منه كلمة حلوة من هنا والا من هنا). خواطر لم تنته إلا بفتح الباب ليأتي دوري دخلت مرتبكا، جلست قدمت شفاعتي.

أمسك الخطاب وجلس يقرؤه بتأن وأنا أنتظر ليسألني عن صلتي بهذا الشخص ونوع العلاقة، ثم التفت إلي وأخذ القلم وكتب تحت الخطاب (لا مانع) بكل بساطة وأعطاني الخطاب لأسلمه للسكرتير وإنهاء الإجراءات الإدارية الخاصة.

شكرت وقوفه الدائم بجانب أبنائه الطلبة المبتعثين وكان جوابه (هذا واجبنا)، خرجت من السفارة ولم أمكث إلا أقل من ساعة، وانتهت أحداث القصة. وليعذرني القارئ الكريم عن بساطة هذا الموقف لكنه يعبر عن أمور كبيرة في نظري الذي ربما يعتبره البعض قصة عادية أو يتجاوز البعض الأمر بقوله هذا عمله. ما أجمل أن يشعر الواحد منا بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، ليؤدي بذلك الشعور الأمانة التي سيسأل عنها.