بالرغم من كونها واحدة من أفضل المشاريع التي طرحت على الساحة أخيرًا، فإن المهتمين بالمشاريع الصغيرة وريادة الأعمال تحولوا اليوم إلى المطالبة بإعادة النظر في مشاريع عربات الطعام أو ما تسمى عربات «الفود ترك»، حيث أبدوا كثيرًا من الملاحظات على الجوانب التنافسية والحضارية المتعلقة بهذا النشاط الذي شهد انتشارًا وتوسعًا كبيرين في مختلف مناطق المملكة منذ بدأ تسليط الضوء عليه كنشاط اقتصادي لا يحتاج إلى رأسمال كبير، كما يمكن حتى لأفراد الأسرة المشاركة فيه.

فرص كانت رائعة

شهدت هذه المشاريع قصص نجاح كثيرة لشباب عاطلين عن العمل، وآخرين وجدوا في عربات الفود ترك مصدر دخل إضافي لهم، وقد روج الإعلام وغيره من وسائل التواصل لأهمية هذه الفرص وقدرتها على تقليص البطالة وخلق مزيد من فرص العمل.


ومع أن هذه المشاريع تعد فرصت رائعة لتمكين الشباب، إلا أن بعضها خرج بالمقابل عن الصورة المأمولة لسوق العمل، حيث باتت المشاهد غير الحضارية لعربات طعام متوقفة عن العمل، وأخرى تعمل بشكل مستمر، ولكنها متكدسة ومتلاصقة في شارع بعينه، أو في وجهة محددة، مسببة بذلك كثيرًا من اختناق مروري نتيجة كثرتها ومواقعها العشوائية، كما سببت كذلك ارتباكًا لتزاحم مواقف المركبات في جانب، والتنافس غير المنصف للبعض من جانب آخر.

دور البلديات والأمانات

لم تقصر البلديات في منح تراخيص العمل على عربات الفود ترك، ورأت في الأمر دعمًا كبيرًا لخدمة الشباب والأسر المنتجة، وقد مكنت لعدد كبير من تلك العربات، إلا أن أمانات بعض المناطق، بما فيها أمانة العاصمة المقدسة مكة المكرمة أعلنت في مارس الماضي عن سحبها لعربات طعام غير نظامية وغير مرخصة، فضلًا عن العربات التي تتم إدارتها من قبل عمالة مخالفة.

ولم تقتصر حملات سحب العربات على مكة المكرمة، فقد شهدت مدن ومناطق أخرى حملات مماثلة من بينها جدة وجازان وعدة مناطق مختلفة، ما أثار جدلًا في الأوساط الاجتماعية وانقسامًا بين من أن في هذا الإجراء قطع للأرزاق، على اعتبار أن الأولى بالأمانات فتح المجال للشباب بمهلة تصحيحية، وبين من أشاد بهذا الإجراء وعدّه خطوة في طريق إعادة التنظيم بالتنسيق مع الجهات المعنية.

تشوه بصري وتنافس

اشتكى كثيرون مما عدّوه تشوهًا بصريًا لعربات مهجورة متروكة على جوانب الطرق، خصوصا بعد تعطل العمل فيها، حيث يكتفي أصحابها بترك المنافسة وإهمال العربة وتركها في مكانها لتتحول مع الوقت إلى مجرد صناديق معدنية يشوه المشهد العام.

في المقابل، حققت المشاريع النظامية والمرخصة، خصوصا تلك التي حظيت بإدارة متقدة بالنجاح والفكر التجاري الموفق بكفاءة كبيرة في المنافسة ليس فقط على مستوى عربات الفود ترك وحدها، بل نافست مشاريع تجارية متمثلة بالمحلات والمقاهي والمطاعم ذات التصاميم والديكورات الجاذبة، ووصل الحال ببعضها إلى ما يشبه حالة الاحتكار للسوق في المكان الذي تتوقف فيها وتمارس فيه نشاطها، مسجلة تميزًا لافتًا، ومسببة كسادًا للمنافسين القريبين.

مواكبة التغيير

أرجع اختصاصيون حدة التنافس ونجاح مشاريع الفود ترك مقابل خسارة بعضها، إلى عدة عوامل، منها جودة المنتج، ومستوى الأسعار، وقلة التكلفة التشغيلية، وسهولة الحصول على التراخيص لمزاولة العمل.

ويعتقد مهتمون بريادة الأعمال أن هناك بحث جاد عن تجارب مبتكرة وسريعة في تقديم المأكولات والمشروبات، تتناسب مع سرعة إيقاع الحياة، وأن مشاريع الفود ترك هي الأقرب إلى هذا التوجه بحكم تناغمها مع احتياجات الناس، حيث توفر منتجات تنافسية مع سرعة التحضير، وتشكيلة واسعة ترضي جميع الأذواق والأعمار.

لكن هؤلاء المهتمين يرون أن فإن عدم دراسة مشروع الفود ترك بشكل جيد يكبّد الشباب خسائر مادية كثيرة، ويقتل فيهم الأحلام والطموح إذا ما كانت النتيجة على خلاف ما كان يتوقعونه، خاصةً أن الإحصاءات تبين أن النسبة الأكبر للشباب المندفع لافتتاح مشاريع الفود ترك هم من ذوي الدخل المحدود، وهم يرون أن غياب دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع قد تكون العامل الأكبر لانهيار المشروع ما لم يتداركه بصنع خط تنافسي جاذب للعملاء.

كما جزموا أن المبالغة في الأسعار المعروضة باتت تؤثر على تنافس المشاريع سواء على مستوى مشاريع الفود ترك ما بين بعضها بعضًا، أو ما بين مشاريع الفود ترك ومشاريع المحال التجارية عامة.

تحديات السوق

يقول المدرب، المهتم بريادة الأعمال سالم الحليو «لأمانات المناطق دور مهم، وهنالك تحركات مميزة لتنظيم عمل الفود ترك، وأرى أن يتم التوسع في المناطق المخصصة للفود ترك، خاصةً الحيوية منها وعدم حصرها في مواقع معينة».

ونوه إلى أن دراسة الجدوى وعمل نموذج عمل حديث مخصص للمشروع من أهم أسباب النجاح.

ولفت إلى أنه «هناك تحديات تواجه أصحاب المشاريع بحكم زيادة عدد المنافسين بالسوق، وارتفاع وعي العملاء وكثرة واختلاف أذواقهم، لذلك فالمستهلك يريد الجودة، والسعر المناسب بكل الأسواق سواءً الفود ترك أو بقية المشاريع مثل المحلات والمطاعم وغيرها».

لكل مجتهد نصيب

من جانب آخر قال عادل المعلم، وهو مالك مشروع، «أنا مع كل المشاريع بكل أنواعها، ويسعدني اهتمام الشباب بالمشاريع، وبمحاولاتهم للنجاح في سوق العمل، كما يسعدني جدًا أن أجد شابًا متميزًا وناجحًا في مشروعه خصوصًا إذا كان صاحب لمسة إبداعية خاصة في مشروعه».

وأضاف «مع ذلك فأنا في صف المعترضين على جشع التجار واستغلال السوق، وقد شهدنا استغلال البعض من العاملين في مجال الفود ترك لاحتياجات الناس في أماكن ترفيهية عامة مثل الكورنيش أو الواجهات البحرية، حيث تصطف عربات الفود ترك على امتداد المكان، وفي مساحة كبيرة منه، ومع ذلك يتم رفع الأسعار بشكل مبالغ فيه، وهذا أمر غير مقبول، وقد يصل الحال إلى نفور الناس من هذه المشاريع إذا بقي بعض الباعة على هذا المنوال، لذا نطالب بمراعاة العملاء والزبائن، وتحديد أسعار معقولة للمنتجات».

وأشار إلى أنه «قد يكون أحد أسباب ارتفاع الأسعار بشكل خيالي هو تصنيع المأكولات أو المخبوزات في المنزل والحلويات من الأسر المنتجة، مع احتساب مصاريف العمال أو الموظفات التابعين لصاحب العربة».

التوجيه السليم

يرى محمد الكحل، وهو مالك مشروع ومهتم بريادة الأعمال أن «التوسع الكبير الذي تشهده سوق الفود ترك يفتح مجالًا للتنوع في السوق بشكل عام، وفي شؤون المشاريع الصغيرة أو المتوسطة الحجم، ولا يضر بها كثرة إصدار التصاريح والتسهيلات الداعمة لهذا التوجه، مع إضافة الاهتمام من المؤسسات غير الربحية لنشر ثقافة العمل الحر ودعم الأسر المنتجة، ولذلك تقام كثير من الدورات المجانية لتثقيف المهتمين بافتتاح المشاريع بشكل عام، وتوجيههم التوجيه السليم لضمان نجاح هذه المشاريع».

واستدرك «يتبقى على الشباب المتحمس كي يحقق النجاح في مشروعه أن يؤكد اهتمامه وتقديمه لأفضل معايير الجودة في المنتج أو الطبق المقدم، فإن لم يحافظ على جودته فإنه حتمًا سيخسر عملائه، وهذا بعموم جميع المشاريع».

وأضاف «هناك فارق التكلفة التشغيلية، ولعل في أرقام الإيجارات خير برهان، وهذه قد تتسبب في مشكلة لأصحاب المشاريع إذا لم يتم احتساب التكاليف بشكل واضح، فكثير من المبتدئين لا يعطون أهمية كبيرة لحساب التكلفة، وعليه لن ينجح أي مشروع يدفع إيجار ورواتب عالية دون حساب التكلفة الحقيقية لسعر البيع، وموازنتها بالمتوقع من الإيرادات مع احتساب الفارق بين المصاريف والإيرادات، وعمل الموازنة المناسبة».

كلفة التأسيس

يكمل الكحل «قياسًا بمشاريع محلات المقاهي والمطاعم، فمشاريع الفود ترك ليست رخيصة أيضًا، فأسعار التأسيس عالية بحكم الاشتراطات من الجهات المعنية، ولا أرى أن هنالك فارقًا كبيرًا على مستوى التأسيس، وإنما الإيجارات هي من تقتل المشاريع في بدايتها، واختيار الإيجار المناسب مهم جدًا، علمًا أن كثرة المتطلبات والمعايير العالية التي تضعها البلديات للمشاريع هي من مصلحة العامة فهي وضعت لحماية التاجر أو البائع، وما عليه سوى أن يقدم منتجًا جيدًا بأسعار معقولة، ويحدد موقعًا مناسبًا مع احترام تنافسية المشاريع الأخرى».

الفود ترك

* عربات الأطعمة المتنقلة

* شهدت انتشارًا واسعًا في مختلف مناطق المملكة

* غالبًا ما يتم تحديد شارع معين أو أحد المرافق العامة لتكون نقطة بيع لتلك العربات

متطلبات إصدار رخصة عربة متنقلة

ـ صورة داخلية وخارجية للعربة المتجولة

ـ استمارة المركبة للعربات المتجولة

ـ تختلف قائمة الاشتراطات والموافقات الحكومية المطلوبة بحسب نوع النشاط

إجراءات خدمة إصدار الترخيص للعربة المتنقلة

ـ تحديد النشاط من خلال الأنشطة المسموح بها

ـ تحديد المسار وتعبئة تفاصيل الخدمة

ـ إرسال الطلب للبلدية

ـ دفع الرسوم بعد اعتماد البلدية

شروط الترخيص

ـ أن يكون المقدم سعودي الجنسية

ـ ألا يكون المتقدم موظفًا حكوميًا

ـ إنشاء حساب مستخدم لبوابة الخدمات الإلكترونية من خلال خدمة تسجيل عملاء الأمانة

ـ شهادة صحية للمتقدم سارية المفعول للأنشطة الصحية ضمن الأنشطة المسموح بها

أنشطة مسموح بها في عربات الفود ترك

ـ الخضار والفواكه

ـ المأكولات الخفيفة

ـ المشروبات الساخنة والباردة

ـ الحلويات