بعد مضي أكثر من شهر على إعلان نادي الرياض الأدبي للفائز بجائزة كتاب العام التي منحت لكتاب "ما يُعوّل عليه في المضاف والمضاف إليه" لمحمد الأمين بن فضل الله المحبّي، أثار هذا الفوز حفيظة عدد من الكتاب والمثقفين، الذين وصفوا الكتاب الفائز بأنه نخبوي لا يقرؤه إلا المتخصصون، وشككوا في مصداقية الجائزة.

وقال الباحث محمد القشعمي لـ"الوطن": إن الجائزة خرجت عن مسارها وفقدت قيمتها وباتت بعيدة عن الواقع، مشيراً إلى أن الكتاب الفائز هذا العام قديم ورسالة نال عليها الفائز درجة علمية، مشدداً على أن الرسائل العلمية لا بد أن تكون خارج الجائزة، حيث مكانها الجامعة ولا بد أن تكون محصورة في مجال الإبداع، وفي العامين الماضيين ومخصصة للأدب العربي السعودي.

وطالب القشعمي بضرورة وجود أعضاء محايدين من خارج النادي حتى تمنح الجائزة صفة الحيادية، إضافة إلى وجود شفافية لمعرفة الكتب المرشحة، مشيراً إلى أهمية صوت راعي الجائزة وليس فقط دعمه المالي.

واتفق مع القشعمي الشاعر عبدالمحسن الحقيل قائلا: الكتاب الفائز لهذا العام لا يستحق، ومضى عليه سنوات عديدة، ولا يتناسب مع المرحلة التي تشهد نقلة في الثقافة السعودية، مبيناً أن الكتاب الذي يستحق الجائزة يجب أن يكون محصوراً في عالم الإبداع والفكر والتحليق، وأن يناقش العقل ويثير الأسئلة وأن يكون صدر خلال نفس العام.

وأوضح الحقيل أن المجاملة تطغى على الجائزة وأن غياب المعايير سببت صدمة كبيرة للوسط الثقافي، مشيراً إلى أن الجائزة أصبحت مثار جدل وأسقطت من حسابات المثقفين حتى تعود لوضعها الصحيح، وقال ساخرا "لا نستغرب فوز الجاحظ عن كتابه "البيان والتبيان".

أما الكاتبة الزميلة فاتن يتيم التي تقدمت للجائزة عبر إصدارها "عبور محرم"، فقالت: جائزة نادي الرياض الأدبي لا يُعرف من هم أعضاء لجنة التحكيم فيها، ولا تعرف المعايير التي ترجح الفوز، مما يدفع المثقفين للتشكيك فيها، وأضافت: الكتاب الفائز هذا العام أكاديمي لا يقدم شيئاً جديداً للناس لأن موضوعه غير حيوي هو رسالة دكتوراه للحصول على درجة علمية، الجائزة يجب أن تخصص للكتب الأدبية والثقافية.

وكان الكاتب محمد العرفج قد تقدم هو الآخر للجائزة بروايته "الدور الأعلى" وعلق قائلا "إنه لم يكن مهتماً بالفوز ولكن نتائج الجائزة صدمته بمنحها لأكاديميين أحدهما مسؤول في وزارة الثقافة والإعلام.

وأضاف: للمرة الأولى تمنح جائزة لبحث أكاديمي متخصص في اللغة لن يقرأه أحد، صدمتي لا تقل عن صدمة الجميع هذا العام والعام الماضي حيث أعطيت الجائزة لمسؤول أيضاً وقريب لأحد العاملين على الجائزة في كتاب مختص باللغة أيضاً ولم يقرأه أحد، حيث طبع عدة نسخ ويحوي أخطاء عديدة". العرفج نوه إلى أن هناك كتبا، وصفها بالمهمة رشحت للجائزة مثل ثلاثية "ضرب الرمل" لمحمد المزيني التي تمثل تاريخ الوطن، وكتاب "أنطولوجيا القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية" لخالد اليوسف إلا أننا فوجئنا بالنتيجة، كما حدث في العام المنصرم حينما منحت الجائزة مناصفة لأكاديمية لم تكن على علم بترشح كتابها، ولقاص مبتدئ لا تعرف قصصه أصول فن القصة القصيرة، ومنح فقط لأن كتابه من منشورات أدبي الرياض، فضلاً عن أنه ابن كاتب معروف.

وأبدى العرفج دهشته متسائلا: إذا كانت الأصوات لا يعتد بها فلماذا تطلب إدارة أدبي الرياض عبر رسائل النادي وموقعها الرسمي على الشبكة الإلكترونية والفيس بوك من الجميع ترشيح كتبهم وكتب الآخرين؟ ولماذا ترفض إدارة النادي التصريح بالكتب المرشحة، وتتحفظ عليها وعلى لجنة الفحص والتحكيم، ولماذا لا تمنح إلا لأكاديمي أو مسؤول، ويحرم منها مبدعون وباحثون جادون؟

وتشترط الجائزة على الكتاب المرشح لنيلها أن يكون متميزا في موضوعه، ويتضمن إضافة معرفية في حقله، ويثري الحياة الثقافية والأدبية ولم يمض على نشره أكثر من عامين من تاريخ الإعلان عن الجائزة "تاريخ الإعلان عن الجائزة "جمادى الآخرة 1432"، وألا يكون الكتاب الفائز قد سبق له الحصول على جوائز مماثلة.

وحول هذا الجدل، اكتفى رئيس النادي الدكتورعبدالله الوشمي بالقول إن قرار منح الجائزة هو لمجلس الإدارة، الذي يقر محضر لجنة الفحص والتحكـيم، التي تنعقد بعد انتهاء لجنة الفرز، مبينا أن للجائزة نظامها المنشور على موقع النادي، وأن مجلس الإدارة يتيح الفوز لجميع الأدباء والمثقفين والأكاديميين السعوديين، ويستثنـي أعضاء مجلس الإدارة فقط، لضمان المصداقية. وقال الوشمي "إن السنوات السابقة شهدت فوز كتـب ثقافية وإبداعية ومعجمية، قبل أن يفوز هذا الكتاب الذي أثار الجدل هذا العام"، مشيراً إلى أنه من حق جميع المؤلفين السعوديين أن يكون لهم نصيب في الجائزة، وقد أيّد المجلس قرار اللجنة وصادق عليه، مضيفا أن النادي يرحب برؤية الزملاء من المثقفين والإعلاميين ويسعد بوجهات نظرهم المتفقة والمختلفة. وكشف الوشمي عن أن النادي يتهيأ الآن لإعلان جائزة جديدة متخصصة في مختلف مجالات الإبداع تضاف إلى الجائزة الحالية.