(رضيعة بالشهر الأول بحاجة لعملية جراحية بالقلب بحاجة لدعمكم، تفريج كربة، رجل محتاج لـ 800 ريال تسديد فاتورة كهرباء وإنذار نهائي بالفصل، حالة عاجلة لأم مريضة بالسرطان تبرع ولو بريال، ابنتان يتيمتان ومعاقتان تحتاجان لدعمكم)، مثل هذه المنشورات والبوستات أصبحت منتشرة في كثير من مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة على منصة «اكس» وبشكل مزعج جدا ومقرف، وأعتقد أن في استمراريتها دلالة واضحة على نجاح حملاتها الكاذبة، والتي تتمظهر بطلب تبرعات من خلال عرض قصص عاطفية مؤثرة، أو معلومات مضللة، لجذب اهتمام الناس وإيهامهم بأنهم يتبرعون لقضية معينة، بينما هدفها الحقيقي هو (تحقيق ربح شخصي)، وهذا ما يسمى «اقتصاد الانتباه» ومعناه بكل بساطة عندما تتزايد المعلومات عبر الإنترنت بشكل هائل، على نحو يفوق قدرة الدماغ البشري على المعالجة، يصبح جذب انتباه الناس أكثر أهمية من تقديم معلومات صادقة. ولعل الحرب المدمرة على غزة خير مثال، والتي أتاحت الفرصة للمحتالين عبر الإنترنت. إذ يتطلع القراصنة والمحتالون الإلكترونيون إلى استغلال الوضع لاقتناء الأموال من خلال مواقع خيرية زائفة تشجِّع التبرعات. وتعود أسباب زيادة مثل هذه التبرعات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى سهولة الوصول للجمهور الواسع، وقدرة الأشخاص المحتالين على استغلال هذه الفرصة بكفاءة عالية. هذه الحيل الإلكترونية تنعكس على المتبرعين الحقيقيين من حيث فقدان الثقة واستغلال مشاعر الإنسانية، كما تضر في الحال ذاته بالمؤسسات الرسمية التي تهتم بهذا المجال، وبالتالي على المستفيدين الذين يعانون من عدم استلام الدعم الذي كانوا يتوقعونه. والسعودية أصدرت تشريعات وقوانين في مكافحة التبرعات الإلكترونية الكاذبة، والتي من شأنها تنظيم عمليات التبرع وتحدد المعايير اللازمة للشفافية والنزاهة في هذا المجال. ومن ذلك المادة 47 من نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله التي تنص على أن يُعاقب بالسجن مدة لا تزيد على (خمس عشرة) سنة ولا تقل عن (خمس) سنوات، كل من قدم أموالا أو جمعها أو تسلمها أو خصصها أو نقلها أو حولها أو حازها أو دعا إلى التبرع بها - بأي وسيلة كانت بصورة مباشرة أو غير مباشرة من مصدر مشروع أو غير مشروع - بغرض استخدامها كليًا أو جزئيًا لارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في النظام، أو كان عالمًا بأنها سوف تستخدم كليًا أو جزئيًا في تمويل جريمة إرهابية داخل المملكة أو خارجها، أو كانت مرتبطة بها أو أنها سوف تستخدم من قبل كيان إرهابي، حتى وإن لم تقع الجريمة أو لم تستخدم أي من تلك الأموال، فإن كان الفاعل قد استغل لهذا الغرض التسهيلات التي تخولها له صفته الوظيفية أو نشاطه المهني أو الاجتماعي، فلا تقل العقوبة عن (عشر) سنوات.
من هنا تبرز الأهمية للتحقق من مصداقية الروابط قبل فتحها، من خلال المواقع الرسمية للمنصات الوطنية، والاطلاع على تقارير الجهات المختصة حولها، وكذلك الاتصال بالمؤسسات الرسمية لطلب التفاصيل الرسمية قبل التبرع.