قبل وقت قصير، زرت أنا وزوجتي مدينة الصين في منطقة «سيتي ووك» بموسم جدة، شعرت وكأنني أمشي في إحدى المدن الصينية بفضل التصميمات والديكورات ذات الطراز الصيني التقليدي هناك. ولكن ما جعل التجربة أكثر روعة هو الحماس وحفاوة الاستقبال من الأصدقاء السعوديين وحبهم للثقافة الصينية.

شاهدنا عروض الفنون للثقافة التقليدية الصينية، وتجوّلنا في سوق الحرف اليدوية التقليدية، واستمتعنا بشرب شاي الفقاعات اللذيذ، العديد من الأصدقاء السعوديين اقتربوا لالتقاط الصور معنا وألقوا علينا التحية بـ«ني هاو» و«أهلا بك» باللغة الصينية)، وخلال حديثي مع طفلة سعودية صغيرة، أخبرتني رغبتها في زيارة الصين لتجربة الأطعمة والثقافة الصينية، وتمنيت لها رحلة ناجحة إلى الصين قريبًا، وبالإضافة إلى «مدينة الصين»، كانت هناك المشروعات الترفيهية المتنوعة مثل «وندر وول»، التي جذبت العديد من الزوار، وهذا يعكس إنجازات المملكة في مجالات السياحة والثقافة والترفيه.

منذ أن توليت منصب السفير الصيني في السعودية قبل أكثر من شهرين، حضرت العديد من الأنشطة الترفيهية والفعاليات الرياضية، في نهاية مايو، شاهدت الجولة الختامية لدوري روشن السعودي بين نادي النصر ونادي الاتحاد، حيث سجل كريستيانو رونالدو رقمًا قياسيًا جديدًا في تاريخ الدوري السعودي للمحترفين بتحقيقه 35 هدفًا في موسم واحد.


وفي بداية يونيو، بدعوة من معالي المستشار تركي آل شيخ رئيس، مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه، لقد شاهدت «نزال 5 ضد 5» تحت استضافة موسم الرياض في ملعب المملكة أرينا، وبعد انتصار الملاكم الصيني تشانغ تشيلي على منافسه بلكمة قاضية، صعدت إلى حلبة الملاكمة وعانقته للتهنئة، وبالإضافة إلى ذلك، حضرت نهائي بطولة العالم للبلياردو 2024 في جدة، الأسبوع الماضي، شاهدت نهائي بطولة كأس العالم الأول للرياضات الإلكترونية لليج اوف ليجيندز في بوليفارد سيتي. أشكر الجانب السعودي، وخاصة الأمير فيصل رئيس الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية، على دعمهم للرياضات الإلكترونية، مما أتاح للعديد من الشباب الصينيين الفرصة للتنافس مع أفضل اللاعبين حول العالم في الرياض، رغم أن الفريق الصيني لم يحقق الفوز، إلا أن التنظيم رفيع المستوى للبطولة والمباريات الرائعة والأجواء الحماسية كانت مثيرة للإعجاب، أود أيضًا تهنئة السعودية على استضافتها لأول نسخة للألعاب الأولمبية للرياضات الإلكترونية عام 2025، ما يعكسه هذا هو السعودية التي أصبحت أكثر حيوية وانفتاحًا وشمولا وتنوعًا.

في السنوات الأخيرة، توسع التبادل والتعاون في مجال العلوم الإنسانية بين الصين والسعودية بشكل مستمر، وزادت التبادلات الشعبية بين البلدين تزايدًا ملحوظًا، في شهر مايو، حضرت نهائيات الدورة الثانية والعشرين لمسابقة «جسر اللغة الصينية» لقياس كفاءة اللغة الصينية، حيث تواصلتُ مع الطلاب السعوديين الذين يعشقون الثقافة الصينية، وهذه هي الدورة الثالثة لمسابقة «جسر اللغة الصينية» المقامة في المملكة.

قد شارك العديد من الطلاب السعوديين في أنشطة مختلفة لمعسكرات الصيف في الصين مؤخرًا، وأثق بأن الشباب السعوديين سيلعبون دورًا متزايد الأهمية في تحقيق «رؤية 2030»، وفي مجال الثقافة، في يناير هذا العام، أُقيم معرض «العلا: واحة العجائب في الجزيرة العربية» في متحف القصر الإمبراطوري بالعاصمة الصينية بكين، حيث عرض للجمهور الصيني مناظر خلابة لواحات الصحراء والأودية في العلا والتراث الثقافي والتاريخي الغني والمزدهر بها، وقبل بضعة أيام، افتتحت الدورة الـ30 لمعرض بكين الدولي للكتاب 2024، حيث شاركت المملكة بصفتها ضيف شرف، مقدمة للجمهور الصيني قصصًا عن التراث الثقافي والتاريخي للسعودية، والملابس الفاخرة، القهوة والتمر، إضافة إلى آلات موسيقية تقليدية مثل العود.

وفي مجال السياحة، وقعت الدولتان مذكرة التفاهم، مما يعتبر خطوة رسمية لتصبح المملكة وجهة سياحية لمجموعات السياح من الصين، وفي الآونة الأخيرة، أطلقت العديد من شركات الطيران الصينية مثل طيران الصين، وخطوط جنوب الصين الجوية، وخطوط شرق الصين الجوية رحلات مباشرة بين البلدين، كما زادت السعودية من أعداد الرحلات المباشرة، حيث يوجد أكثر من عشر رحلات أسبوعيًا من بكين وشانغهاي وشنتشن إلى الرياض وجدة.

وفي الوقت نفسه، قامت الحكومة الصينية باتخاذ سلسلة من التدابير لتسهيل وصول الأجانب إلى الصين، بما في ذلك الإجراءات المتعلقة بالقيام بالأعمال التجارية أو الدراسة أو السياحة للأجانب في الصين وغيرها من المجالات، نحن أيضًا نرحب بالمزيد من المواطنين السعوديين لزيارة الصين،

قال فخامة رئيس الصين شي جينبينغ: «تتلون الحضارات من خلال التواصل، وتتغنى الحضارات من خلال التنافع»، استعراضًا للتاريخ، ظلت الصين والمملكة العربية السعودية تتبادلان الإعجاب ببعضهما البعض منذ القدم، منذ ذلك الحين شهد طريق الحرير البري تبادلات كثيفة بين التجار والمسافرين، وشهد طريق التوابل البحري تباري السفن الشراعية، حيث تتلألأ الحضارتان الصينية والعربية في طرفي قارة آسيا.

على مدى العقود الماضية، شهدت العلاقات الصينية السعودية تطورًا سريعًا، وتعمق وتوسع التعاون والتواصل في مختلف المجالات بما في ذلك المجال الإنساني والثقافي، يمكن القول إن العلاقات الصينية السعودية تمثل نموذجًا للاحترام المتبادل والتواصل المتساوي بين الدول والحضارات المختلفة.

الصين مستعدة على مواصلة العمل سويًا مع المملكة لتعميق التواصل والتنافع بين الحضارتين، وتعزيز التعارف والتقارب بين الشعبين، بما يدفع التواصل والتعاون بين البلدين في المجال الإنساني والثقافي إلى مستوى أعلى باستمرار.

* سفير جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة العربية السعودية