إحدى الطامات الجديدة والمتعددة لبعض أصحاب العقار، أنهم لم يعودوا يقنعون بفرد العضلات على المستأجرين الأفراد المساكين، بل تعدوه لتخريب التجارة! وربما وصل الموضوع ببعض العقاريين إلى أنهم يريدون مشاركة الناس في حلالهم!

كتبنا سابقا وفي عدة مقالات أن الارتفاع الهائل غير المبرر في أسعار العقار أثر في العديد من الأنشطة الاقتصادية في البلد وفي الاقتصاد وحركة المال والأعمال وفي خلق الوظائف، والعديد من المجالات والوزارات متأثرة من ارتفاع العقار. فعندما تقل وتضعف القوة الشرائية للفرد والعائلة بسبب أن نسبة كثيرة من الدخل تذهب للإيجار أو أقساط العقار، فإن ذلك يؤثر في الصرف بالمجالات الأخرى مثل السياحة والترفيه والتسوق والتجارة وهي الأنشطة التي تحرك الاقتصاد والمال وتخلق الوظائف وتحرك الدورة الاقتصادية في البلد ككل. بينما العقار والأراضي هو تجميد للأموال وكنز لها دون أثر إيجابي ودون خلق وظائف ملحوظ!

الآن بعض أصحاب العقار لم يكتف باستعراض عضلاته على المستأجرين الأفراد ورفع الإيجارات بشكل متكرر، بل تعداه إلى الطمع والجشع بمشاركة الناس بحلالهم في المحلات والأسواق. الآن نسمع أكثر من محل مشهور أو نشاط مزدهر مثل بعض الكافيهات الشهيرة أغلقت بسبب أن صاحب العقار فجأة رفع الإيجار بشكل جنوني عندما شاهد النجاح والإقبال على صاحب النشاط أو المحل!، صاحب النشاط يتعب ويشقى يوميا ويحاول رفع جودة منتجه ويبني سمعة ويوظف عاملين ويطبق اشتراطات الجهات الحكومية، ويعمل كل يوم من الصباح إلى الليل، وفي الأخير يجيء صاحب العقار على بارد مبرد وهو توه قاعد من النوم، بطمع يرفع الإيجار بشكل مضاعف! – ما لها تفسير (إلا وده يشاركه بحلاله)! فيضطر صاحب النشاط إلى إغلاق النشاط والبحث عن مكان آخر، أو يستسلم لهذا الضغط الأشبه بابتزاز!


أحيي بعض أصحاب المحلات الكبرى الذين رفضوا هذا النوع من الضغط وأغلقوا المحلات رغم أنها كانت لها مكانة وسمعة وبدؤوا من جديد في البحث عن أماكن أخرى!

ليس جديدا أن أسعار العقارات تؤثر بشكل مباشر في التجارة بالبلد كل، حيث يؤدي إلى زيادة تكاليف الإيجار والتشغيل، ما يضعف القدرة التنافسية للأعمال التجارية، إضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي ارتفاع العقارات والإيجارات إلى تقليل عدد الأعمال التجارية في المناطق الحضرية، مما يؤثر سلبًا في التنوع الاقتصادي والخدمات المتاحة للمجتمع.

وهذا يقودنا إلى موضوع هام! أصبح مؤرقا للجميع بل أحد أهم التحديات التي تواجه الأفراد وأصحاب الأعمال على حد سواء، وخصوصا فئة أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهو معضلة الإيجار ورفعه بشكل جنوني وفجائي، ما يضع عبئًا كبيرًا على أصحاب الأعمال ويهدد استمرارية مشاريعهم.

وبما أن المشكلة أصبحت شبه عامة للأفراد وأصحاب الأعمال فإنه ربما آن الأوان للنظر للحلول العالمية!

أو ما تطبقه بعض الدول والمدن وهو حل (تجميد الإيجارات) وهذا مطبق بكثير من مدن العالم مثلا في:

نيويورك، سان فرانسيسكو، برلين، باريس، دبي، ستوكهولم وغيرها.

أهمية (تجميد الإيجارات) وفوائده للسكان والأفراد:

الحفاظ على الاستقرار المالي:

تجميد الإيجار يساعد الأفراد على التخطيط المالي بشكل أفضل، حيث يعرفون أن تكاليف السكن لن ترتفع فجأة، مما يتيح لهم تخصيص ميزانياتهم بشكل أكثر فعالية.

منع الانتقال غير المنظم:

يساعد تجميد الإيجار في منع الانتقال وشبه تهجير السكان من منازلهم بسبب الزيادات المفاجئة في الإيجار، مما يساهم في الحفاظ على استقرار المجتمعات المحلية.

تعزيز الاستقرار الاجتماعي:

عندما يكون السكان قادرين على البقاء في منازلهم لفترات أطول، فإن ذلك يعزز الروابط الاجتماعية والمجتمعية، ويخلق بيئة أكثر استقرارًا وأمانًا.

دعم الفئات الضعيفة:

الفئات ذات الدخل المحدود، مثل كبار السن والطلاب والأسر ذات الدخل المنخفض، تستفيد بشكل كبير من تجميد الإيجار، حيث يتيح لهم الحفاظ على سكن ميسور التكلفة.

تشجيع الاستثمار في المجتمع المحلي:

عندما يكون السكان مستقرين ماليًا، تكون لديهم القدرة على إنفاق المزيد من الأموال في المجتمع المحلي، مما يعزز الاقتصاد المحلي ويدعم الأعمال التجارية الصغيرة

أما فيما يخص (تجميد الإيجارات) في مجال الأعمال يمكن أن يكون حلًا فعالًا لمواجهة هذه المشكلة، وله عدة فوائد، منها:

1. حماية أصحاب الأعمال: تجميد الإيجارات يساعد في حماية أصحاب الأعمال من الزيادات المفاجئة في الإيجار، مما يتيح لهم التركيز على تطوير مشاريعهم بدلًا من القلق بشأن التكاليف المتزايدة.

2. تشجيع الاستثمار: عندما يكون هناك استقرار في تكاليف الإيجار، يكون أصحاب الأعمال أكثر استعدادًا للاستثمار في مشاريع جديدة وتوسيع أعمالهم.

3. تعزيز الاستقرار الاقتصادي: تجميد الإيجارات يساهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي من خلال توفير بيئة مستقرة للأعمال التجارية، مما يعزز النمو الاقتصادي بشكل عام.

4. دعم المجتمع المحلي: الأعمال التجارية الصغيرة والمتوسطة تلعب دورًا هامًا في دعم المجتمع المحلي من خلال توفير فرص عمل وخدمات متنوعة، تجميد الإيجارات يساعد في الحفاظ على هذه الأعمال ودعم الاقتصاد المحلي.

في الختام، أتمنى من كل الجهات ذات العلاقة سواء بالإيجار الفردي أو الاقتصاد والتجارة والأعمال، وعلى سبيل المثال وليس الحصر: إيجار وهيئة العقار ووزارة الإسكان والبلديات ووزارة التجارة ووزارة الاقتصاد وغيرها، وكل من له صلة بمجال المال والأعمال بأن يدرسوا الموضوع بعمق والعمل معًا لإيجاد حلول مستدامة لمشكلة ارتفاع الإيجارات، خصوصا حل (تجميد الإيجارات)، من أجل الأمن والاستقرار الفردي والعائلي، ومكافحة جشع التجار، وأيضًا لضمان استمرارية ونمو الأعمال التجارية ودعم الاقتصاد المحلي.