أطلق ما سمي بـ«المهر الذكي» جدلا واسعا على وسائل التواصل الاجتماعي بين من يراه مفهوما عادلا يواكب تغير الأسعار عبر الزمن، ومن يراه بمثابة محاولة «ذكية» من الأزواج تحديدا تحسبا لأي طارئ على الحياة الزوجية، على الأخص في حالة الانفصال بالخلع التي قد تأتي بعد سنوات من الارتباط، وهنا يستطيع الزوج استرداد قيمة المهر الذي دفعه دون أن تكون تلك القيمة قد تأثرت بمرور الزمن.

ويجوز شرعا في الإسلام أن يكون المهر مالا أو ذهبا أو منفعة أو عقارا أو غيره، إذ يمكن أن يكون المهر ذهبا، أو أسهما استثمارية، أو غيرها.

ويخرج المهر الذكي عن المهر التقليدي المتعارف عليه وهو أن يكون مالا.


ويتمثل المهر الذكي إما بسبائك ذهبية، أو أسهم استثمارية، أو غيرها، ويوصف بأنه «ذكي» لأن سبيكة الذهب التي تزن مثلا 10 غرامات قد يصل سعرها اليوم إلى 3000 ريال، فيما قد يصل سعرها بعد 10 سنوات مثلا إلى 7000 ريال، وبالتالي فإنه يجاري تغيرات الزمن.

أفكار مستحدثة

يرى المستشار الأسري سامر أحمد أن فكرة «المهر الذكي» تعد من الأفكار المستحدثة التي دخلت على المجتمع السعودي، ورأى أنها فكرة تصب في صالح الأزواج الذين يضمنون استرجاع قيمة ما دفعوه من مهر حال وقع الانفصال دون أن تتأثر تلك القيمة.

ويجزم أحمد أن الأمر في صالح الزوج، وليس الزوجة، موضحا حيث يكون المهر سبيكة ذهبية وزنها 10 غرامات تكون الزوجة ملزمة بإعادة سبيكة بذات الوزن والعيار عند طلبها الخلع، فيما لو كان المهر مالا وكان يصل إلى 10 آلاف ريال، فإن القيمة الشرائية لهذه الـ10 آلاف تتأثر سلبا بعد 10 أو 15 سنة فلا تعود تتمتع بالقيمة التي كانت عليها عند العقد.

وأشار إلى أن «الفكرة ما زالت مرفوضة اجتماعيا، خاصة أننا اعتدنا على تقديم المهر التقليدي المتعارف عليه وهو مبلغ من المال».

وأشار إلى أن «المهر الذكي قد يكون بمثابة باب من أبواب خلق المشاكل من قبل الأزواج في محيط الأسرة حتى يدفعوا الزوجة للتقدم بطلب الخلع، وبالتالي يحصل الزوج على المهر بمكسب مرتفع يمثل الفارق بين سعر شرائه وسعره عند وقوع الخلع».

وتابع «تقوم الفكرة هنا على النظر للزواج وكأنه محض استثمار، حيث يقدم الزوج المهر ذهبا قد تكون قيمته قد ارتفعت عند الانفصال»، محذرا من «القبول بهذا النوع من المهور لأنها لا تحقق الهدف الحقيقي من الزواج، وهو بناء شراكة قوية ومتينة تضمن الاستقرار والتعاون والمودة».

حديث المجالس

تؤكد فاطمة الغامدي، وهي موظفة في إحدى الشركات أن فكرة «المهر الذكي» باتت حديث المجالس، ويتم تداولها بكثرة بين النساء، وقالت «يرفض كثيرون هذه الفكرة لأنهم يرون فيها نوعا من الاستغلال للمرأة، فقد يقدم الزوج مهرا قد يكون سبائك ذهبية بمقدار 40 ألف ريال كمهر، أو يكتب للزوجة أسهما استثمارية بهذا المبلغ، لكنه قد يختلق المشاكل لاحقا حتى يوصل الزوجة إلى اتخاذ قرار الخلع وترك الزوج، وهنا يسترد الزوج ما سدده كمهر دون خسارة فرضها تقدم الزمن، وكأنه استثمر الزواج إذ يحصل على مثل السبائك التي قدمها مهرا والتي قد تصل قيمتها ربما إلى أضعاف قيمتها عند العقد».

استثمار في الزواج

لا تذهب أزهار أحمد، وهي ربة منزل بعيدا عن رأي سابقتها، حيث تبيّن أن «من تقبل بالمهر الذكي كأنها توافق على أن تجعل من زواجها هدفا استثماريا، يدخله الزوج بهدف الربح وليس الاستقرار».

وتابعت «ينظر بعض الأزواج إلى المهر كأنه ملجأ آمن يستعيدونه أوقات الأزمات المالية، يساعدهم في ذلك سهولة اقتنائه والتصرف فيه عند وقوع الطلاق دون أن تتأثر قيمته سلبا».

استقرار مالي

يرى سيف سليم، وهو موظف قطاع خاص أن فكرة «المهر الذكي»، وعلى الأخص حين يكون سبائك ذهبية يحقق عدة فوائد تجعل منه خيارا مميزا، فهو يجنب الزوج عند وقوع الخلع مغبة الخسارة المالية، كما أنه يظل أحد الأصول المالية الموثوقة.

ويجزم أن «كون المهر سبائك ذهبية يعد من الإستراتيجيات المالية الحكيمة، موضحا أن «المهر الذكي» يضمن للزوج حقه في المهر المدفوع، ويضمن له استرجاع قيمته الحقيقية إذا ما تقدمت الزوجة بطلب الخلع».

علاقة المصلحة

يخالف غازي الحربي من يرون في المهر الذكي وسيلة ضمان، ويوضح أن «الزواج هو ميثاق قوي، لا بد أن يقوم على الاتفاق بين الزوجين، وفي الوقت الذي يبدأ فيه الزوج حياته بالنظر إلى المهر الذي يقدمه لزوجته فإنه يجعل من العلاقة الزوجية قائمة على مصلحة».

وأضاف «المهر الذكي يخالف العادات والتقاليد، ويكون فيه استغلال للزوجة، حيث يتمتع الرجل بالحياة الزوجية لفترة مؤقتة يحددها، ثم يبادر إلى اختلاق المشاكل بعد عدة سنوات حتى تطالب المرأة بالخلع، فيسترجع ما دفعه بقيمة أكثر».

الحكم بالقيمة

تذهب المحامية فاطمة عادل إلى أن فكرة «المهر الذكي» تقوم على أساس ما يحدد في العقد، فلو كان المهر 10 سبائك ذهبية وزن كل منها 10 غرامات، فإن الزوجة لو طلبت الخلع ستكون ملزمة برد 10 سبائك ذهبية وزن كل منها 10 غرامات.

لكنها أوضحت أنه لا بد على الرجل الذي يرغب بالزواج ألا يفكر من حيث المبدأ بموضوع استرجاع المهر، وألا يخطر له الطلاق قبل أن يتزوج، ويجدر ألا يبني حياته على ذلك، مشيرة إلى أن المهر الذكي ليس من العادات ولا التقاليد حتى لو كان موجودا أو مقبولا قانونيا.

وفي الجانب القانوني، أوضحت «حسب المادة 39 من لائحة الأحوال الشخصية لوزارة العدل، يجوز الاتفاق في عقد الزواج على تأجيل المهر كله أو بعضه، وإذا لم ينص في العقد على تأجيل المهر، ولم يحدد وقت معين لتسليمه، فيتعين تسليمه عند المطالبة به».

وأضافت «إذا نص في العقد على تأجيل المهر فلا يخلو من الأحوال الآتية:

إذا ذُكر أجل معلوم، فيحل المهر بحلول الأجل، وإذا ذكر أجل غير معلوم، فهو معجل، وإذا لم يذكر وقت الأجل، فيحل بالفرقة البائنة، أو وفاة أحد الزوجين».

الخلع واسترجاع المهر

يشير المحامي نواف النباتي إلى أن الخلع هو فراق بين الزوجين بطلب الزوجة وموافقة الزوج مقابل عوض تبذله الزوجة أو غيرها.

وقال «يصح الخلع بتراضي الزوجين كاملي الأهلية على إنهاء عقد الزواج، دون الحاجة إلى حكم قضائي».

وأضاف «أوضحت لائحة الأحوال الشخصية في المادة 97 أنه: يقع الخلع بأي لفظ دل على الفرقة بالنطق أو الكتابة وعند العجز عنهما فبالإشارة المفهومة، ويعد فسخًا لعقد الزواج ولو كان بلفظ الطلاق، ويكون فرقة بائنة بينونة صغرى، ولا يحسب من التطليقات الثلاث».

وأكمل «أوضحت لائحة الأحوال الشخصية أنه لا يقع الخلع إذا كان بغير عوض، فإذا خالع الزوج زوجته بلا عوض فلا يعد خلعًا، وتطبق أحكام الطلاق».

وواصل «تشير المادة الأولى بعد المائة إلى أنه: إذا كان عوض الخُلع هو المهر فيقتصر على تسليم ما قُبِضَ من المهر، ويسقط ما بقي منه ولو كان مؤجلًا».

المهر الذكي

ـ مهر يقدم للمرأة لكنه لا يكون مالا.

ـ غالبا ما يكون سبائك ذهبية أو أسهما استثمارية.

ـ يستغله بعض الأزواج لتحقيق كسب مالي عند الطلاق.

ـ يقود بعض الأزواج لاختلاق المشاكل ودفع الزوجة لطلب الخلع.

ـ يقسم الآراء بين من يرونه فكرة عادلة ومن يرونه استغلالا.

المهر في نظام الأحوال الشخصية

المادة 36

المهر هو المال الذي يدفعه الرجل للمرأة بسبب عقد الزواج.

المادة 37

كلُّ ما صحَّ اعتباره مالًا صح أن يكون مهرًا.

المادة 38

المهر ملك للمرأة، لا تجبر على أي تصرف فيه.

المادة 39

1- يجوز الاتفاق في عقد الزواج على تأجيل المهر كله أو بعضه.

2- إذا لم ينصّ في العقد على تأجيل المهر ولم يحدد وقت معين لتسليمه، فيتعين تسليمه عند المطالبة به.

3- إذا نصّ في العقد على تأجيل المهر فلا يخلو من الأحوال الآتية:

أ- إذا ذكر أجل معلوم، فيحل المهر بحلول الأجل.

ب- إذا ذكر أجل غير معلوم، فهو معجل.

ج- إذا لم يذكر وقت الأجل، فيحل بالفرقة البائنة، أو وفاة أحد الزوجين.

الخلع في نظام الأحوال الشخصية

المادة 95

الخلع هو فراق بين الزوجين بطلب الزوجة وموافقة الزوج مقابل عوض تبذله الزوجة أو غيرها.

المادة 96

يصح الخُلع بتراضي الزوجين كاملي الأهلية على إنهاء عقد الزواج، دون الحاجة إلى حكم قضائي.

المادة 97

يقع الخلع بأي لفظ دل على الفرقة بالنطق أو الكتابة وعند العجز عنهما فبالإشارة المفهومة، ويعد فسخًا لعقد الزواج ولو كان بلفظ الطلاق، ويكون فرقة بائنة بينونة صغرى، ولا يحسب من التطليقات الثلاث.

المادة 98

يقع الخلع في أي حالٍ كانت عليه الزوجة، بما في ذلك حال حيضها، ونفاسها، والطُّهر الذي جَامعها زوجُها فيه.

المادة 99

لا يقع الخلع إذا كان بغير عوض، فإذا خالع الزوج زوجته بلا عوض فلا يعد خلعًا، وتطبق أحكام الطلاق.

المادة 100

كلُّ ما صحَّ اعتباره مالًا صحَّ أن يكون عوضًا في الخلع، ولا يجوز أن يكون العوض إسقاط أي حق من حقوق الأولاد أو حضانتهم.

المادة 101

إذا كان عوض الخُلع هو المهر فيقتصر على تسليم ما قُبِضَ من المهر، ويسقط ما بقي منه ولو كان مؤجلًا.

المادة 102

1- يجب توثيق الخلع، وعلى الزوجين -أو أحدهما- توثيقه، وفق الأحكام المنظمة لذلك.

2- يجوز لكل ذي مصلحة طلب إثبات الخلع بأي من وسائل الإثبات.