تداعت لي هذه الأفكار وأنا أرى رجال أمننا في كافة قطاعاته: سواء في وزارة الداخلية بكل أفرعها أو في رئاسة أمن دولة بكل أفرعها أو في وزارة الدفاع أو في وزارة الحرس الحرس الوطني، وهم يؤدون واجباتهم في موسم الحج المبارك، في البلد الحرام من الوطن العظيم السعودية، ويحق لي أن أقول وبكل ثقة، «رجل الأمن، هو المواطن السعودي الأول»، غير أنه لا تمايز بين السعوديين قاطبة، في ما خلا من لهما بيعة في أعناقنا.
لقد بلغت احترافية رجل الأمن السعودي ورجل الدفاع السعودي حدًا من الاحترافية جعلهم يقلبون الصورة النمطية للرجل العسكري في الأذهان، حينما ترى تعاملهم مع ضيوف الرحمن، وما تراه من تعامل الأطفال الصغار -الذين لا يجاملون- في المناسبات الوطنية، عندما يقتربون من رجال الأمن ويهدونهم الحلوى والأعلام الخضراء، وصور الرموز الوطنية: «الملك وولي العهد»، ويتضح ذلك جليًا حينما ترى أتباع رجل الأمن السعودي لإجراءات نظامية وقانونية، وفقًا لخطوات وبروتوكولات محددة ومدروسة سلفًا، وهذا ليس كثيرًا على أجهزة مهمتها الأولى الحفاظ على أمن السعودية، أهم دول العالم دينيًا واقتصاديًا، وإحدى أكثر دول العالم التي تزخر بإرث ثقافي وحضاري مميز.
كما أن هذه الاحترافية تتجلى في تطبيق الحق الأصيل لكل مواطن ومقيم على أرض «موطن الشمس»، المملكة العربية السعودية، كفله الشرع، والنظام الذي فصّل كل الحالات الممكنة، وحتى تلك التي لا يمكن أن تحدث، وذلك احتياطًا لما قد يكون لو كان، ألا وهو ما يطلق عليه في النظم والقوانين «حقوق الإنسان»، التي يجللها البعد الإنساني الرفيق لتعامل السعودي في سدة المسؤولية والمهام والتكليف، وعلى رأس هؤلاء المسؤول الأمني من أصغر أفراده وصولًا إلى قياداته العليا.
وتجلت احترافية رجل الأمن السعودي، بعد إعادة هيكلتها في يوليو 2017، حينما عملت على جوانب معينة بكفاءة وإتقان واحترافية عالية، لم تكن موجودة من قبل، ألا وهي الانفتاح على المجتمع، وإيصال رسالة مفادها، أن أجهزة الأمن هو أجهزة حكومية، مهمته الأولى حماية أمن الوطن ومقدراته، والسهر الحثيث على اطمئنان المواطن والمقيم وأمنه، مثله في ذلك، مثل جهاز وزارة الصحة، وجهاز وزارة التعليم، وغيرهما من الأجهزة التي وضعت لخدمة المواطن في أمنه وصحته ورفاهه، وتحقيق جودة حياته، وهذا الأمر تحقق بالمشاركة المجتمعية المميزة لأجهزة الأمن السعودي بالحضور اللافت في كل المحافل الوطنية الممكنة، وأكثر ما يلفت الانتباه ويشد الإعجاب فيهم، تلك الثقة المتناهية بالنفس، والهدف والسبيل.
ووصول رجل الأمن إلى هذا المستوى العالي من الأداء جاء من حرص حكومة خادم الحرمين الشريفين، برئاسة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، على توفير الكادر البشري المدرب ذي الكفاءة العالية، وتطوير الأجهزة والجهات الحكومية المختلفة المعنية بتحقيق معادلة الأمن والرفاه، فلُب عمل أجهزة الأمن، هو توفير الحماية للمواطنين، والأفراد الموجودين على أرض الوطن، واستخدام الوسائل الأمنية للمحافظة على سير الحياة اليومية بشكل سلس بعيدًا عن وقوع أي أزمات تؤدي إلى الإضرار بالمكونات المجتمعية بشرية كانت أو مادية، وهذا يعني الاستعداد الدائم للتهديدات التي قد تواجه الدولة، سواء من مصادر داخلية أو خارجية، والحرص على تطبيق كافة الإستراتيجيات الأمنية، وهو ما نراه عيانًا كل فترة من خلال النجاحات الباهرة التي تحققها هذه الأجهزة لكشف المخططات التي تستهدف أمن هذا البلد الطيب المبارك وإنسانه ومكتسباته ومقدراته، بل وتجاوز ذلك إلى تحقيق نجاح عالٍ في عمليات استباقية تسبق التخريب والإرهاب أو التغرير بشباب الوطن، في حالة تعطي كل مواطن ومقيم على أرض المملكة العربية السعودية الأمان والاطمئنان –بإذن الله وتوفيقه وحمايته- بأننا في ظل رعاية حانية وحماية ضافية تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين.
وعلى صعيد آخر، فقد طرأ عدد من التحولات حول مفهوم الأمن والقوة العسكرية، ومن أبرز هذه التحولات أن القوة لم تعد مرتبطة بالعامل العسكري فقط، وإنما تخطته إلى التعليم والتكنولوجيا والسياسة والنمو الاقتصادي وقوة المعلومة وامتلاكها، وكذلك تجاوز مفهوم الأمن والقوة العسكرية مسألة القدرة على امتلاك قوة نووية أو قدرة ردع إلى استشعار أي خطرٍ مسلّح، والكفاءة الكافية لإجراء قراءات مستقبليّة لنوايا وخطط الدول المعادية، وهذا كله ينعكس على الأمن السياسي الذي يعني استقرار البلد، وحماية شرعيته، وينعكس بالتالي على حماية الاقتصاد، وحماية التنمية، والأمن الاجتماعي.
أخيرًا، هنيئًا للوطن برجال الوطن في وزارة الداخلية، وفي وزارة الدفاع، وفي وزارة الحرس الوطني، وفي رئاسة أمن الدولة، هنيئًا لنا بالذائدين عنا في الحد الجنوبي وفي كل حد، والذائدين عنا في الداخل فهم على قدم سواء، جهاد في الداخل وجهاد في الخارج، كتب الله أجرهم وأعلى شأنهم وأعز الله وطننا الأشم.