الهجمة الحرارية المبكرة التي شهدتها السعودية مؤخراً ضمن أجزاء واسعة من العالم، لها بصماتها على كثير من التفاصيل المتعلقة بالأداء والصحة، واستهلاك الطاقة، وسلامة البيئة وغيرها.

هذا أمر معروف، لكن وبشكل عام، فإن درجات الحرارة المرتفعة صيفاً أمر معتاد في المملكة، فهي من السمات المرتبطة بموقعها الجغرافي والمعطيات البيئية والمناخية المصاحبة له، وكذلك المستجدات المتعلقة بالتغير المناخي، وكل ذلك يفرض تحديات تتطلب التخفيف من الآثار السالبة، إذ لم تتوانَ المملكة في مواجهتها ضماناً للرفع من مستوى جودة الحياة، بما ينعكس إيجاباً على عديد من الجوانب الإنتاجية والحضارية الأخرى.

لقد التفتت المملكة بشكل جاد لأهمية تلطيف الحرارة في فصل الصيف، وبادرت في هذا الصدد بالعمل من خلال خطط طموحة تمثلت في مبادرة (السعودية الخضراء) ضمن مبادرة الشرق الأوسط الأخضر التي أعلن عنها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لزراعة 50 مليار شجرة إضافية، لتكون أكبر برنامج إعادة تشجير في العالم.


ولعل من النماذج السعودية التي يمكن أن نشير إليها على سبيل المثال لا الحصر، الدور الذي سيؤديه مشروع الرياض الخضراء من خلال تكثيف التشجير بزراعة أكثر من 7.5 ملايين شجرة في أنحاء مدينة الرياض، وكذلك إنشاء حديقة الملك سلمان، مع تحقيق الاستغلال الأمثل للمياه المعالجة في أعمال الري، وهي أمور سيكون لها أثرها في تحسين جودة الهواء وخفض درجات الحرارة، وتشجيع السكان على ممارسة نمط حياة أكثر نشاطاً وحيوية، بما ينسجم مع أهداف وتوجهات رؤية 2030.

إن مثل هذه الجهود السعودية تمثل مواجهة جريئة لتحديات ارتفاع الحرارة، وكذلك الحد من التصحر، وهي أمور لا يجب النظر إليها من خلال منظور محدود ومحصور في الجوانب الترفيهية، فهو عمل واسع الأفق وممتد المساحات، يستهدف بالدرجة الأولى الرفع من جودة الحياة، وتطويع البيئة لتكون في خدمة هذا الهدف الذي يضع السعودية وإنسانها ضمن أفضل المعايير المعتبرة في تلك الجودة.

إنها مساع وخطوات لا تعرف الاستكانة للصعوبات، وتعمل في كل الاتجاهات التي تعود بالنفع على المملكة وشعبها، وإذا كانت بعض عوامل البيئة تبدو عصية على التغيير، فإن تطويعها ولجم كثير من آثارها هو ما اختطته القيادة ضمن الرؤية السعودية، ليأتي التشجير والتوسع في المساحات الخضراء خطوة متقدمة، تلطيفاً عملياً للأجواء، وبسطاً لنوعية حياة تليق بالوطن وإنسانه.