منذ فجر التاريخ تداول الناس الأكاذيب المتعلقة بالرجال وطباعهم وطرق تفكيرهم وسمات سلوكهم، لكنني أزعم أن التاريخ لم يشهد تركيزا على هذه الأكاذيب وتعالما وتنميطا كما نشهده في عصرنا هذا. في هذا المقال سأذكر أكثر الأكاذيب انتشارا خطورة.

(لا تأخذيني على محمل الجد) فكرة واسعة الانتشار مفادها أن الرجل لا يدقق في التفاصيل ويتصرف بعفوية وبساطة ولا يعني كثيرا مما يقول. وهذه بالمناسبة أكذوبة شائعة في معظم الثقافات نظرا لقابليتها للاستخدام في مواقف متعددة. والحقيقة أن الرجال الذين غيروا خارطة الأرض وأشعلوا الحروب وغزوا الفضاء وكانوا الأكثر حضورا وتأثيرا في العلم والفلسفة والفنون لا يمكن بحال أن يكونوا بسطاء لا يدققون، لا يركزون، لا يتذكرون!

( الرجل تفكيره صندوقي والمرأة تفكيرها شبكي) أكذوبة أخرى لا تستند على أي منطق علمي ولا تجريبي. حسنا .. هل لاحظتم يوما رجلا يشرب قهوته في مقهى ويشاهد مباراة وفي اللحظة نفسها يستخدم هاتفه وربما يتابع نشرات الأخبار أو يتفقد أسعار البورصة؟ الحقيقة أن مسألة نمط التفكير لا علاقة لها بجنس الشخص بل بحالته النفسية وعاداته وطبيعة حياته لا أكثر ولا أقل.


(الرجل متعدد الأقطاب والمرأة أحادية القطب)! هذه أكذوبة خطيرة جدا. فهي تحظى بشعبية بين مستشاري الزواج ويتم تسويقها إعلاميا وإسنادها شرعيا بشكل مخل جدا، كما أنها للأسف تلقى قبولا بين النساء!

الحقيقة أن الرجال والنساء على حد سواء يمرون بظروف اجتماعية ونفسية قد تدفعهم لاتخاذ خيارات خاطئة والدخول في علاقات غير متماشية مع القيم. ولكن أكذوبة كهذه من شأنها تخفيف الأمور على ضمير الرجل ومنحه حجة الطبيعة التي لا يعارضها إلا هالك.

هذا على سبيل المثال لا الحصر. وأنا - هنا- أدعو لإعادة النظر فيما نؤسس له من قيم أسرية ومجتمعية منخفضة، بتعليم الرجال المراوغة وتعليم النساء تقبل هذا على أنه طبيعة وعيب خلقي لا يستطيع الرجل تعديله أو تحسينه.

وأقول لكل النساء: يمكنك اختيار التغاضي والمسايرة، لكن مع الوعي بأن الرجل ليس طفلا كبيرا وليس مخلوقا بسيطا وليس (صندوقيا) وليس متعدد الأقطاب. هو إنسان ينمو ويتعلم ويستفيد من التجارب، ويمكنه الاهتمام والتركيز والتذكر والاكتفاء متى ما أراد ذلك وبكل بساطة.