بالعودة إلى صفحات الماضِ خصوصاً تلك التي تعج بالأحداث الدموية والصراعات التي مرت على شعوب العالم فهناك أسماء خلدها التاريخ لفظاعة أفعالهم الممزوجة بداء العظمة والجبروت حيث لُطخت أيديهم بدماء الأبرياء فهم لا يعيرون أي أهتمام لحقوق الإنسان الطبيعية في هذه الحياة بل ساروا في اقتراف أبشع الجرائم في سبيل الحفاظ على عروشهم الهشة المحاطة بغشاء البطش والظلم وهذه حقيقة حياة الغاب في القرون الأولى .

أما عن القرون التي توالت فلم تخل أيضا من المجازر والإبادات ففي أواخر القرن الثامن عشر وصولا إلى التاسع عشر. تحدث التاريخ عن (الحكم الفاشي) الذي بدأ في إيطاليا على يد (موسوليني) وظهر في ألمانيا أيضا، وقد عانت الشعوب إبان ذلك الحكم من القمع والتعذيب والتطهير العرقي (الهولوكوست) وغيرها من أنواع العذاب. وشهدت تلك الحقبة أندلاع الحرب العالمية الثانية بقيادة الزعيم النازي (ادولف هتلر) إلى أن انتهت بالقصف الذري على هيروشيما وناجازاكي وخلفت ما خلفت من مأسي وانتهاكات قسمت على شعوب العالم ونالهم ما نالهم من الإضطهاد والتهجير وما إلى ذلك.

وهذا غيض من فيض حيث لم يصل إلينا إلا الشيء اليسير من تلك الأحداث لماذا؟ هل لم يكن هناك إهتمام بكتابة التاريخ ؟ أم هناك أمراً ما قد حدث ؟


يذكر التاريخ : أن المخطوطات والوثائق والمصادر والكتب التاريخية الغربية والأعجمية والعربية التي خاطها الكتاب القدماء والرواة على مدار القرون السابقة قد تعرضت لعدة هجمات كانت كفيلة بإندثارها وطمس تاريخها العريق. أولاها حادثة التدمير الثقافي التي جرت في برلين عام 1933 التي تمثلت في حرق المئات من المؤلفات والكتب فحالها حال المكتبة الفاطمية في مصر التي تعرضت للهجوم في عهد المماليك ومكتبة بيت الحكمة في العراق التي تم تدميرها بالكامل من قبل المغول.

بعدها إستطاع العالم أجمع أن يستشعر أهمية حفظ التاريخ وتوثيقه ولملمت ما تبقى من المؤرث القديم.

ولكن للأسف الشديد نشهد اليوم موجة عارمة في الإعلام الغربي لمحاول تزييف التاريخ وإظهاره خلاف ما كان عليه وإخفاء الحقيقة وذلك من خلال بعض الأقلام التي لا عهد لها مع المصداقية.

أخيراً أقول يجب علينا أن نحافظ على كتابة تاريخنا اليوم، ونسعى جاهدين بأن يكون مرجعاً تثق به الأجيال القادمة وتستند عليه فالحفاظ على الحقائق كما هي يساعد في نقل المعرفة الدقيقة للأحداث وذلك للاستفادة من النجاحات وتجنب الإخفاقات بالإضافة إلى أن الكتابة بكل مصداقية تسهم في بناء هوية مجتمعية قوية ومتينة تقوم على أساس واقعي ملموس وليس العكس، فالتاريخ الصادق يسهم في توجيه المستقبل نحو الطريق الصحيح والأكثر إشراقاً.