الهدف الأساسي من مؤسسات التعليم الجامعي الأهلي هو تحقيق مخرجات عالية الكفاءة ،في إطار سياسة المملكة (المادة الثالثة) التي تقوم على مبادئ وقيم ثابتة وراسخة، ومنها العدالة والشفافية في تقديم عمل نوعي ذي جودة عالية في كل شأن يمس المواطن والمقيم؛ كان هذا هو هدف اللائحة التنظيمية للجامعات والكليات الأهلية، والتي صدرت بقرار من مجلس شؤون الجامعات عام ١٤٤٥هـ. وبالنظر إلى مهام مجالس أمناء الجامعات والكليات الأهلية في هذه اللائحة التنظيمية الجديدة، يظهر الكثير من الاحترافية في تصميم بنودها ووضوح المهام المناطة بهذا المجلس الهام الذي يقوم بتشريع وحوكمة إجراءات وقرارات المؤسسات التعليمية الجامعية الأهلية.

تُعَد مجالس الأمناء من بين المجالس الأقل وضوحًا والأقوى ارتباطًا بالمؤسسة التعليمية، في حين أن هذه المؤسسات قد يكون لديها مئات أو ربما آلاف من الموظفين والكادر التعليمي الذين يتفاعلون مع الطلبة يوميًّا، فإن الأمناء يعملون إلى حد كبير خلف الكواليس لضمان رفاهية المؤسسة وأولئك الذين تخدمهم. إنهم مدينون للمؤسسة بواجبات ائتمانية تتمثل في الولاء والرعاية والأمانة، وهم مسؤولون عن اتخاذ القرارات بشأن الجوانب الرئيسة والحساسة، بما في ذلك مجالات مثل الميزانية ورسوم التعليم وتطوير البنية التحتية ورفاهية الطلبة وتحقيق المخرجات القوية التي ترتبط باستدامة المؤسسة.

وبعيدًا عن المقارنة مع المواد والبنود اللائحية لمجالس أمناء الجامعات الحكومية بنظام الجامعات الجديد، والذي صدر بِأَمرٍ سامٍ عام 1441هـ، ومن جهة أخرى مع مجالس المؤسسات التعليمية الأهلية (مجلس الجامعة أو مجلس الكلية المستقلة)، لا بد من تميز مجالس الأمناء في المؤسسات التعليمية الأهلية في نوعية وأهمية المواضيع المطروحة للنقاش واتخاذ القرارات الحيوية والحساسة، والتي تصب في مصلحة التطوير والاستدامة، ولا تكون المواضيع روتينية، ولا تبحث الشؤون الهامة التي قامت على أساسه المجالس. وبما أن المجلس يسمى الأمناء، يتحتم وضع الأمانة نُصْب أعيُن الأعضاء، لذا؛ على الأعضاء المستأمنين على المؤسسات طلب طرح مواضيع تندرج تحت صلاحيات المجلس للمداولة والنقاش واتخاذ القرار المناسب. وعلى وجه الخصوص، الأنظمة الأساسية للجامعات والكليات الأهلية، والتي يجب أن تُحدَّث وفق متغيرات الأنظمة واللوائح ذات الصلة في المملكة. كما أن القواعد المنظمة للشؤون المالية والإدارية وحتى الأكاديمية يجب أن تكون محل نقاش دائم في المجلس واتخاذ قرار بالتعديل أو الموافقة بناءً على رؤية ورسالة المؤسسة.

وهناك بعض الأمور الهامة واجبة الطرح والنقاش مثل الرسوم المالية للبرامج الدراسية وميزانية تطوير البنية التحتية والإدارية والتعليمية يجب أن تكون أساس عمل مجالس الأمناء. ومن أهم التقارير التي توضح نجاح مجالس الأمناء هو نقاش تقارير المؤسسة السنوية أو النصف سنوية، والتي تظهر مدى قوة المؤسسة في تقديم خدمات مستمرة تعود بالنفع على الطلبة والخريجين، وتكون هذه التقارير هي المفصل الهام في تقييم منجزات القائمين (رئيس جامعة أو عميد كلية مستقلة) على المؤسسة إداريًّا وأكاديميًّا.

ومن الأمور الهامة التي تغيب عن بعض المؤسسات التعليمية الأهلية، هي تشكيل لجان ذات اختصاص أكثر دقة تنبثق من مجلس الأمناء بناءً على المادة العاشرة من اللائحة التنظيمية، وتقوم هذه اللجان بحكومة وتدقيق عمل إدارات محددة مثل إدارة القبول والتسجيل أو إدارة شؤون الجودة والاعتماد أو إدارة الموارد البشرية واستقطاب أعضاء هيئة تدريس ذي كفاية، لزيادة ثقة المستهدفين من الطلبة من عمل مجالس الأمناء.

باتريك سانجان Patrick Sanaghan من جامعة تيمبل الأمريكية Temple University، وهو خبير القيادة الأكاديمية والذي كان عضوًا في العشرات من مجالس الأمناء الأمريكية والكندية، قال "لقد حان الوقت لنكون صادقين بشأن الطريقة التي يُعِيق بها بعض أعضاء مجلس الإدارة عمل مؤسساتهم". وأضاف هل يناقش المجلس سبب سوء اختيار رئيس الجامعة أو عميد الكلية؟ أو أن توقعاتهم كانت غير صحيحة؟ من يسأل المجلس هذه الأسئلة الصعبة؟ هل فكروا يومًا في التأثير السلبي الذي قد يحدثه هذا النوع من التعيين الخاطئ على ثقافة الحرم الجامعي. علاوة على ذلك، ذكر لامونت جونز LaMont Jones العضو في المجلس الأمريكي للأمناء والخريجين (The American Council of Trustees and Alumni)، تعمل مجالس الأمناء دور المشرف القوي خلف الكواليس لحماية مهمة المؤسسة وسمعتها، وذلك على الرغم من أن دور الأمناء ليس من الأدوار التي يميل الجمهور إلى فهمها. وشرح ذلك رئيس المجلس الأمريكي للأمناء والخريجين مايكل بولياكوف Michael Poliakoff، "غالبًا ما يكون هناك سوء فهم بأن الأمناء يخدمون المؤسسة، إنهم يخدمون المستهدفين، إنهم حراس الثقة العامة".

تعيين الغالبية العظمى من أعضاء المجلس هي مسؤولية الملاك أو الشركة المالكة للمؤسسة التعليمية، ومن المآخذ على بعض مجالس الأمناء في القطاع التعليمي الأهلي، هو اختيار/تعيين أعضاء لا يملكون الحماس والخلفية بشؤون التعليم الأكاديمي أو الإدارة المالية والاستثمارية المستدامة، وقد لا يملكون خبرات متنوعة أو عملاً سابقًا بقطاع التعليم الجامعي، والذي يفترض أن يُحدث الفرق عند العمل بخاصية المقارنة المرجعية بما تقدمه مؤسسات أخرى. كما أنه من الضروري الاستعداد للعمل بما يحقق مصلحة المؤسسة والقدرة على فهم وقبول المسؤوليات والالتزامات كأمناء وأصحاب للعمل، والاستعداد على التعلم وتطوير وفحص المواقف الخاصة بالمؤسسة. ولا يفترض من المجالس أن تكون قصيرة المدة وللإقرار فقط، يجب أن تأخذ وقتًا كافيًا للمناقشة والمشاركة الفعَّالة من الأعضاء جميعهم فيما يُطرح.

خِتاماً، أعضاء مجالس الأمناء يجب أن يتحملوا المسؤولية الشاملة عن إدارة المنظمة أو المؤسسة وهو ما نراه في الكثير من مجالس أمناء المؤسسات التعليمية الأهلية، وعادة ما يُحَدّد إطار عمل مجلس الأمناء من خلال الالتزامات التنظيمية وتوجيهات الكيان الموضحة في اللوائح الداخلية للمؤسسة، وغالبا ما يكون الأعضاء مسؤولين عن الاحتفاظ "بالأمانة" للأموال أو الأصول أو الممتلكات وتقديم خدمات جليلة للطلبة واستدامة المؤسسة بالتطوير المستمر والممنهج. والمأمول أن تكون مجالس الأمناء في الجامعات والكليات الأهلية فعَّالة، ولا تُدار بالمصالح الشخصية أو المجاملة إِمَّا في تشكيل المجلس أو القرارات المتخذة، والذي سوف يكون له الأثر السلبي ولو بعد حين.