بطبيعة الأحداث، لا يمكن أن يخلو الحج من ملحوظات، ولا عيب لو سماها أحد «نقاط ضعف» أو «مشكلات»، وأنا أسميها «تحديات»، وفي كل حال هي تحتاج إلى علاجات جذرية، لا أشك في أنها غير غائبة عن أذهان أصحاب القرار بمختلف مستوياتهم ومراتبهم ودرجاتهم، ومتأكد تماما أن قرارات تصحيحية كثيرة ستصدر قريبا، وقرارات تعزيزية أخرى ستعلن تباعا.
لعل من أبرز تحديات الحج القيام بالتشخيص لها، وهنا بالتحديد أذكر قيام «السماسرة وضعاف النفوس» بالاستماتة في الرغبة من التكسب من الراغبين في الحج عن طريق تشجيعهم على استخدام تأشيرات الزيارة أو العمرة أو السياحة لأداء الحج، على الرغم من أنها تأشيرات لا تخول حامليها أداء الحج، وطرق أخرى كثيرة ملتوية كالحملات الوهمية، والنقل المخالف، وهو ما تم التحقق منه بإقرارات وبيانات من الجهات الرسمية في دول المغرر بهم، بالإضافة إلى اعترافاتهم المنشورة.
قصص كثيرة محزنة يتعرض لها الحجاج بالطريقة المخالفة، ويقبلونها على أنفسهم من السماسرة إياهم، ومنها كما ذكرت الحصول على تأشيرة زيارة للمملكة من بلدانهم، وليست تأشيرة حج، والاستعانة بإحدى الحملات الوهمية التي توفر لهم مسكنا في مكة المكرمة، وتشترط عليهم عدم الخروج منه إلى حين موعد أداء النسك، وقد يستغرق ذلك أكثر من 3 أسابيع، وتخدعهم بتوفير ما يلزمهم من مأكل ومشرب، ومنهم من يدخل إلى مكة عبر الطرق غير المأهولة، ثم يعزلوا أنفسهم في سكن ما، وفره لهم مسؤولو الحملات الذين يحضرون لهم أيضا ما يحتاجونه من الخارج، ومنهم من يعتمد في الإقامة بمكة على معارفهم من أقاربهم، ويمكثون في مكة إلى وقت الصعود إلى عرفة، وهؤلاء الحجاج المجازفون غير النظاميين لا تتوافر لهم خيم للإقامة بالمشاعر، ولا حل عندهم إلا افتراش المساجد والطرقات، وتعريض أنفسهم للاحترار المناخي، والارتفاع المهول في درجات الحرارة، التي وصلت إلى 47 درجة مئوية في الظل، وفي آخر المطاف يصاب الضعاف منهم بالإعياء الشديد، وربما الوفاة على قارعة الطريق، فيلوك «المغرضون» بألسنتهم في جهود الصادقين المخلصين، ويفترون ويبهتون، ثم يكذبون ويكذبون ويكذبون.
أختم بتكرار آخر عبارة في إعلان نائب أمير منطقة مكة المكرمة نائب رئيس لجنة الحج المركزية لنجاح حج هذا العام: «كل حج والنجاح حليف للجميع»، وأقول لكل من يهمه أمر الحج إن العمل قد بدأ على الفور للترتيب والتخطيط لموسم حج العام المقبل، واستمرار تطوير منظومة الحج، فطموحات قيادتنا من أجل ضيوف الحرمين الشريفين لا سقف لها، وآمال خدامهم من أبناء وبنات الشعب السعودي لا حدود لها.