شكوى وتكرار
يشتكي هاني الغامدي، وهو مالك أرض سكنية مسوّرة، من كثرة الكتابات التي تظهر كل فترة على أسوار أرضه، ويقول: «بين فترة وأخرى أجد عبارة «مقاول معماري» مرفقة برقم هاتف مكتوبة على سور أرضي، وقد طمستها أكثر من مرة، خصوصا أنها كتبت دون إذن مني، لكن بعد طمسها تعود مرة أخرى، حيث تكتب من جديد دون أي احترام لملكيتي الأرض والسور، ودون أي اعتبار لعدم رغبتي في عدم وجودها على سور أرضي».
ويوضح: «غياب الرادع والعقوبة الصارمة جعل أصحاب تلك الإعلانات يستمرون في نشر هذه الكتابات، وتوزيع إعلاناتهم على أعمدة الإنارة وأسوار المنازل في تصرف غير حضاري. كما أن صمت الجهات المعنية دفع مندوبي الشركات والمؤسسات إلى توزيع إعلانات ورقية دعائية خاصة بهم، ودفعها حتى من أسفل أبواب المنازل والشقق والمحلات، أو وضعها على مقابض الأبواب كل يوم، أو كتابتها على أسوار الأراضي، مما يعد تصرفا غير حضاري وغير نظامي، ويشكل اقتحاما لخصوصية الناس دون رغبة منهم».
عقوبة صارمة
بدوره، يرى صالح الحربي، وهو صاحب مبني سكني، أن غياب الرقابة، وعدم فرض غرامات مالية مرتفعة جعلا هؤلاء المعلنين يتمادون في تشويه المباني وأسوار الأراضي والمحلات عبر إعلاناتهم التي توضع بشكل عشوائي، وبلا مراعاة لأي حقوق.
وبيّن: «لدي عقار سكني في المدينة المنورة، وكل فترة أجد شتى أنواع الأوراق والملصقات على جدران المبنى دون حصول على إذن مني، وهذا يشوه صورة المبنى بصريا، ويعد تعديا على ملكيتي دون وجه حق».
وطالب بلديات المناطق بتشديد العقوبة عبر فرض غرامات مالية كبيرة على مَن يقدم على مثل هذا الأمر، مشيرا إلى أن الغرامة الحالية، البالغة 5 آلاف ريال، على مَن يقدم على هذا الفعل لا تعد رادعة بما يكفي، خصوصا أنه ينجم عن هذا السلوك تشويه للأماكن العامة ومخالفة للذوق العام.
أكل العيش
يشير عبدالعزيز فهد إلى أن جدار منزله تحول للوحة إعلانية فوضوية لأصحاب ورش العزل والسيراميك والتكييف والخزانات الأرضية والبوية، تتزاحم فيها الملصقات. ويقول: «حين أتصل على رقم أي ورشة أو شخص أرفق إعلانه برقم جوال أجد منهم ردا واحدا: نحن نبحث عن أكل العيش».
وأكد: «لا بد أن تتعاون جهات الاتصالات والبلديات والجهات الأمنية لضبط المخالف، وملاحقة هؤلاء عبر أرقام الجوالات التي يضعونها في إعلاناتهم، وعرضهم أمام الجهات الأمنية المختصة، للحد من هذه الظاهرة».
كسب العملاء
تواصلت «الوطن» مع أصحاب أرقام هاتفية وُضعت على بعض الملصقات الإعلانية على أسوار الأراضي. وفي رد من رقم مرفق بعبارة «مقاولون معماريون»، أوضح المجيب أنهم يلجأون إلى هذه الوسيلة بتوجيهات من أصحاب مؤسسات وشركات مقاولات، حيث يدفعون بالعمالة التي تعمل لديهم لينتشروا في الشوارع والأحياء، ويلصقوا ملصقات أو يكتبوا بخط اليد على أسوار قطع الأراضي، بحيث تظهر الإعلانات أرقام المقاولين بغية كسب العملاء.
وأضاف المجيب أن بعض الشركات توظف عمالة لهذا الغرض فقط، حيث تكون مهمتهم اليومية الكتابة ولصق الملصقات على الجدران بغية التسويق وكسب العملاء.
مخالفة المادة الخامسة
أفاد المحامي عاصم الملا: «الكتابة على الجدار بشكل عام تعد مخالفة للذوق العام، وذلك حسب المادة الخامسة من لائحة الذوق العام التي تشير إلى أنه لا يجوز الكتابة أو الرسم أو ما في حكمهما على جدران مكان عام، أو أي من مكوناته، أو موجوداته، أو أي من وسائل النقل ما لم يكن مرخصا بذلك من الجهة المعنية».
وفيما يتعلق بالعقوبة في حال ارتكاب المخالفة، أكد أن «المادة الثامنة من اللائحة أقرت غرامة مالية قدرها 5 آلاف ريال لمن يرتكب هذه المخالفة، حيث تنص: توقع غرامة مالية على كل من يخالف أيَّا من الأحكام الواردة في اللائحة بما لا يتجاوز خمسة آلاف ريال وفقا لجدول تصنيف المخالفات المنصوص عليه في المادة التاسعة من اللائحة، ويضاعف مقدار الغرامة في حال تكرار المخالفة نفسها خلال سنة من تاريخ ارتكابها للمرة الأولى، وأنه يجوز لمن صدر في حقه قرار بغرامة مالية وفقا للفقرة 1 من هذه المادة التظلم منه أمام المحكمة الإدارية المختصة».
عقوبة السجن
يشدد المحامي عبدالله علي على أن «الكتابة على الجدار دون ترخيص يجب أن تعرض مرتكبها للغرامة المالية بما يتجاوز الـ5 آلاف ريال، وتصل حتى 10 آلاف ريال أو أكثر إلى جانب ملاحقة الفاعل، وإحالته إلى الجهات المختصة وسجنه، وذلك حتى يتحقق الردع».
وبيّن: «هذا التصرف يعد مخالفا للذوق العام، وهو من قبيل التشويه البصري»، مطالبا بتكاتف الجهود بين الجهات المعنية، لملاحقة أصحاب تلك الكتابات والعبارات المنتشرة في الشوارع والأحياء.
وسائل التبليغ
من جهتها، بادرت بلديات عدة إلى إيضاح الوسائل المتاحة للإبلاغ عن الكتابة على الجدران، وذلك عبر تصوير الموقع، وإرسال صورته عبر تطبيق «بلدي» حسب المنطقة التابع لها الشخص المتضرر، وتكون الغرامة حسب لائحة الذوق العام 5 آلاف ريال، وذلك بعدما كانت غرامة الكتابة على الجدار سابقا 100 ريال فقط.
ملاحقة العابثين
رأى المستشار الأسري غالب الأحمد أنه لا بد من تشديد العقوبة على ممارسي الكتابة على الجدران دون ترخيص، مع تعاون الجهات ذات الصلة، لرصدهم وملاحقتهم، ثم جلبهم عن طريق الجهات الأمنية من أجل عرضهم أمام القضاء.
وأشار إلى أن ما يفعله هؤلاء من استغلال الأراضي السكنية المسورة والعقارات لإعلان خدماتهم يعد تعديا على حقوق الآخرين وأملاكهم الخاصة.