كشفت دراسة أجراها باحثون في جامعة جورج تاون وبنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك عن نمط مثير للقلق: في السنوات الخمس التي تسبق تشخيص اضطراب الذاكرة، تنخفض درجات الائتمان للأفراد بشكل مطرد في حين تتزايد احتمالية التأخر في سداد الديون.
ويرى الباحثون أن هذا التدهور المالي هو نتيجة مباشرة للضعف الإدراكي الذي يميز المرض، حتى في مراحله الأولى، وذلك نقلا عن موقع studyfinds.
سداد الأقساط
الدراسة التي فحصت بيانات تقارير الائتمان مجهولة المصدر المرتبطة بمطالبات الرعاية الطبية لأكثر من مليونين من كبار السن، ترسم صورة صارخة.
في المتوسط، انخفضت درجات الائتمان بمقدار 4 إلى 6 نقاط في العام السابق للتشخيص، وهو انخفاض كبير بالنظر إلى أن الدرجات تتراوح عادة من 300 إلى 850.
وفي الوقت نفسه، ارتفعت احتمالات التخلف عن سداد أقساط الديون بمقدار نقطة أو نقطتين مئويتين. في حين أن هذه التغييرات قد تبدو صغيرة، إلا أنها يمكن أن يكون لها تأثيرات كبيرة، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة، وانخفاض الوصول إلى الائتمان، وحتى حبس الرهن.
التأثير على الديون
مما يثير القلق بشكل خاص، التأثير على ديون بطاقات الائتمان والرهن العقاري، وهما أكبر فئتين من الديون بالنسبة لكبار السن من الأمريكيين.
ووجدت الدراسة أنه بين حاملي بطاقات الائتمان، كان احتمال اختلال التسديد أعلى بنسبة 21 % قبل عامين من التشخيص.
وبالنسبة للمتعاملين بالرهن العقاري، كان معدل التأخر في السداد أعلى بنسبة 11 % في نفس الإطار الزمني. استمرت معدلات الانحراف المرتفعة هذه لسنوات بعد التشخيص.
تقول كارول روان جريسينز، خبيرة الاقتصاد الصحي والباحثة الرئيسية في الدراسة: «إن النتائج مذهلة في وضوحها واتساقها».
وتضيف «إن التدهور المالي الذي نلاحظه يعكس التدهور المعرفي الذي يعاني منه هؤلاء الأفراد: تنخفض درجات الائتمان باستمرار، ربعًا تلو الآخر، وتزداد احتمالية الانحراف باستمرار مع اقتراب التشخيص».
تفسيرات التدهور المالي
يشير الباحثون إلى أن هناك عدة تفسيرات لهذا التدهور المالي قبل التشخيص.
يمكن أن يؤدي الخرف في مراحله المبكرة إلى فقدان الذاكرة، مما يتسبب في نسيان الأفراد دفع الفواتير. كما أنه قد يعوق اتخاذ القرارات المالية، مما يؤدي إلى الاقتراض المحفوف بالمخاطر أو التعرض للاستغلال المالي.
قد تلعب بعض التغيرات في الشخصية المرتبطة بمرض الزهايمر المبكر، مثل انخفاض الوعي وزيادة العصابية، دورًا أيضًا.
والأهم من ذلك أن الدراسة وجدت أن هذه الآثار المالية كانت أكثر وضوحًا بين الأفراد السود والإناث. شهد البالغون السود انخفاضًا حادًا في درجات الائتمان قبل التشخيص وارتفاعًا حادًا في معدلات الانحراف مقارنة بالبالغين البيض.
تعافت درجات الائتمان لدى النساء بشكل أبطأ بعد التشخيص مقارنة بالرجال. من المحتمل أن تعكس هذه الفوارق التأخير الموثق جيدًا في تشخيص اضطراب الذاكرة بين هؤلاء السكان.
عبء مزدوج
تؤكد النتائج العبء المزدوج الذي تواجهه الأسر التي تعاني من ADRD. فهم لا يتحملون تكاليف رعاية كبيرة فحسب ــ عشرات الآلاف سنويا في المتوسط ــ بل إنهم يفعلون ذلك بموارد مالية متضائلة.
يمكن أن يؤدي انخفاض درجة الائتمان وحالات التأخر في السداد قبل التشخيص إلى سلسلة من العواقب المالية، بدءًا من ارتفاع أسعار الفائدة إلى انخفاض الوصول إلى الائتمان، في وقت تكون فيه المرونة المالية ذات أهمية قصوى.
الكشف المبكر
يؤكد مؤلفو الدراسة على الحاجة إلى الكشف المبكر عن الخرف، وهو احتمال صعب نظرا للظهور التدريجي للمرض. ويشيرون إلى أن بيانات التقارير الائتمانية، التي تم جمعها بشكل روتيني لمعظم البالغين، يمكن أن تكون أداة قيمة. ومن الممكن أن تشير الخوارزميات إلى أنماط غير عادية - ارتفاع حالات الانحراف، والاقتراض غير المنتظم - كعلامات إنذار مبكر، مما يؤدي إلى إجراء تقييم طبي.
حماية مالية
تسلط النتائج الضوء أيضًا على أهمية الحماية المالية لأولئك الذين يعانون من ضعف إدراكي.
وتشمل التدابير المحتملة رقابة أكثر صرامة على عملية صنع القرار المالي، و«التوجيهات المسبقة» التي توجه الإدارة المالية، ومعايير ائتمانية أكثر صرامة لأولئك الذين يتعاملون مع الشؤون المالية لمرضى ADRD.
وللبنوك ووكالات الائتمان أيضا دور تلعبه في كشف ومنع الاستغلال المالي.
مع تقدم سكان البلاد في السن، سيؤثر الخرف على عدد متزايد من العائلات، وسيكون فهم ومعالجة العواقب المالية - قبل وبعد التشخيص - أمرا بالغ الأهمية لضمان الأمن الاقتصادي والكرامة للمتضررين.
إن التكاليف الخفية لهذا المرض، كما توضح هذه الدراسة بقوة، مرتفعة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها.
ـ سوء إدارة مالية ينبئ باحتمال إصابة كبير السن بالزهايمر والخرف
ـ دراسة تكشف أن هؤلاء يخاطرون أكثر بالديون ونسيان السداد
ـ يمكن للبنوك ووكالات الائتمان المساعدة في التشخيص المبكر للمرض
ـ دراسة تؤكد أن الأنماط المالية غير العادية تعد علامات إنذار مبكر وتستلزم تقييما طبيا