ولا تقتصر تلك المشكلة على الطرق خارج المدن وحدها، بل تمتد لتشمل كذلك كثيرًا من الشوارع والأحياء، حيث يضطر كثيرون إلى البحث المضني وربما يستعينون بالآخرين للوصول إلى وجهتهم، وهي استعانة لا تكون متوفرة ومتاحة في كل وقت كأن يكون الوقت ليلًا أو عند الظهيرة القائظة.
وتفتقر كثير من الشوارع والأحياء حتى للوحات تعريفية بأسمائها، وهو ما ينعكس إرباكًا على زائري الحي والعابرين فيه.
ومع ارتفاع عدد زائري المملكة من السياح، بات وجود اللوحات الإرشادية التي تسهل الوصول إلى مختلف العناوين والأماكن وتجنب المستخدمين الضياع أكثر من ضروري.
جهود كبيرة
بذلت وزارة النقل وأمانات المناطق جهودًا جبارة في الآونة الأخيرة لتهيئة الطرق السريعة، والشرايين الرئيسة بين المناطق والمدن الكبيرة من خلال أعمال تحسين المشهد الحضري ومعالجة التشوه البصري بإعادة تركيب اللوحات الإرشادية، وإصلاح التالف، وهو ما ثمّنه المواطنون في وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن كثيرين رفعوا ملاحظات وبلاغات مختلفة تتعلق بغياب اللوحات الإرشادية في الشوارع الفرعية للمدن، ويكفيك أن تكتب في منصة X عبارة «لوحات إرشادية» حتى تجد كثيرًا من المدونات تنتقد وضع اللوحات واللافتات في الشوارع؛ وهي تتفاوت ما بين انتقاد غيابها، وما بين انتقاد تلفها جراء الشمس أو المتغيرات الجوية، أو حتى تدخل العابثين، إضافة إلى انتقادات أخرى طالت آلية وضع اللوحات ومواقعها، ناهيك عن بعض الانتقادات التي تحدثت عن أخطاء معلوماتية تحملها اللوحات الموجودة.
شوارع مجهولة
يعلق إبراهيم الناهض مستشهدًا بطريق الدوادمي «محافظة الدوادمي من أكبر محافظات منطقة القصيم، لكن مع ذلك يغيب اسمها عن اللوحات الإرشادية على طريق الملك فهد المتجه جنوبًا من الرس إلى الدوادمي التي تحد الرس من الجنوب!».
وتابع «الغريب في الأمر أن تلك اللوحات تحمل أسماء محافظات ومراكز ليست قريبة، بينما الدوادمي الملاصقة للرس تغيب تمامًا على الرغم من أن الحدود الإدارية للمحافظتين تمتد على مسافة جغرافية طويلة».
ويوافقه عبدالله العويس، ويقول «طريق الدوادمي - القويعية مزدوج، ويرتاده المسافرون والمعتمرون، لكنه فقير إلى اللوحات الإرشادية التي تحمل مسمى القويعية الأم وصولًا إلى طريق مكة السريع».
انتظار الإضافة
نشر حساب إعلام محلي لمدينة حائل أن «مسميات أحياء مدينة حائل تنتظر إضافتها على اللوحات الإرشادية في مداخل المدينة، وعلى الطريق الدائري المحيط بها».
أخطاء الكتابة
لا يقتصر الأمر فقط على غياب وتغييب أسماء مدن ومراكز وغيرها عن اللوحات الإرشادية، بل يصل حدود أخطاء المعلومات والكتابة حتى مع ذكر تلك الأسماء، ويورد علي الزهراني ملاحظة يقول فيها «نأمل من أمانة منطقة الباحة توجيه بلديات المحافظات إلى تعديل المسميات الخاطئة على اللوحات الإرشادية في محافظات المنطقة، ومنها قرى بني حسن، فيما الصحيح محافظة بني حسن».
لوحات تالفة
من جانبهم، عبر مواطنون عن استيائهم من تلف اللوحات الإرشادية في الشوارع والأحياء، وعدم وضوح لوحات أخرى حيث يختفي كثير منها خلف أغصان الأشجار وأوراقها ما يجعلها عديمة الجدوى، مطالبين الجهات المختصة بالاهتمام والصيانة المستمرة لهذه اللوحات.
ولفت آخرون الانتباه إلى وضع اللوحات الإرشادية المزري ليس على مستوى اللافتات التي تحمل مسميات الشوارع والتعريف بالأماكن فحسب، بل حتى على مستوى لافتات التنبيه والتحذير الطرقية مثل تلك التي تنبه إلى حدود السرعة وما شابه، حيث يكون بعضها غير ظاهر لأنه مغطى بأشجار الطرق، أو قد تكون في موقع جانبي غير واضح، وهو ما يتسبب بالإرباك المروري والحوادث أو المخالفات.
من واقع تجربة شخصية، تسترجع الدكتورة لمياء آل إبراهيم موقفًا ترتب عليها فيه سداد قيمة مخالفة، حيث قالت «صحوت على مخالفة لطريق كنت أعتقد أنه بسرعة 110 حتى 120 كلم في الساعة، ورفعت اعتراضًا، لكني دفعت المخالفة أيضًا احترامًا للنظام».
وأضافت «أتمنى من الجهات ذات العلاقة النظر في أنه كان هناك تحفيز للمخالفين ذوي المخالفات المتراكمة بتقليل المبالغ التي عليهم، بينما لا يوجد أي تحفيز للناس الملتزمة بعدم المخالفة والدفع المباشر، كما أن اللوحات الإرشادية لتغيير السرعة قليلة، ويبدو أن المرور يفترض أن عين السائق مركزة على اللوحات، وكأنه لا توجد سيارات ومخاطر في الطريق تكون لها الأولوية كأن تكون اللوحة على يمين الخط وتكون هناك شاحنة تحجب رؤية اللوحة، وهناك أوقات أعتقد أنه من الصعوبة أن تركز على تغير اللوحات خصوصًا لو كانت بين الأشجار».
وأردفت «هناك أماكن أجزم أن كثيرًا من الناس ترتبت عليهم فيها مخالفات وعلى الأخص الغرباء عن تلك الأماكن، ومن سلم منها سلم ليس لأنه انتبه للوحة، بل لأنه سبق أن رصدت عليه مخالفة عندها، أو أن معارفه أخبروه بها وعملوا على تنبيهه».
واستدركت «إذا كان الرصد بهذه الدقة فينبغي زيادة عدد اللوحات الإرشادية واختيار وضعها بأماكن ليس بها تشتت بصري».
عامل ضمان
بدوره، أكد عيسى العيد أنه يواجه صعوبة بالغة في التنقل في بعض الشوارع بسبب عدم وجود لوحات إرشادية واضحة ومرئية فيها، وقال «من المهم جدًا أن تكون اللوحات الإرشادية في حالة جيدة، وأن تتم صيانتها بشكل دوري، فهي عامل مهم لضمان سلامة الجميع وتوجيههم بشكل صحيح».
خيبة أمل
تشعر خيرية الحكيم بخيبة أمل بسبب سوء أوضاع اللوحات الإرشادية في كثير من الأماكن على الطرق، ووجهت نداء إلى الجهات المعنية بالمتابعة الجيدة لصيانة هذه اللوحات والاهتمام بها بشكل دوري، خوفًا من وقوع أي حوادث مرورية، أو تعطيل لحركة المرور، أو حتى ضياع السائق، كما أعربت عن استيائها من عدم وجود لوحات إرشادية واضحة في بعض الأحياء، مما يسبب الارتباك والتوتر للسائقين والزوار.
وأضافت «عندما نوجه دعوة لضيف من خارج المنطقة، أو نقوم بزيارة لمنطقة جديدة، فإن اللوحات الإرشادية تلعب دورًا حاسمًا في التوجيه والمساعدة للوصول إلى وجهتنا بأمان ويسر، لذا نحن بحاجة إلى لوحات إرشادية واضحة ومرئية، وتحتوي على معلومات دقيقة ومحدثة لتوجيه السائقين وضمان سلامتهم على الطرق».
جهود البلديات
على صعيد متصل، أوضح مدير العلاقات العامة في بلدية القطيف عبدالله آل ضيف أن «تركيب اللوحات الإرشادية التي تتضمن تحديد المواقع، وأسماء الشوارع، إضافة إلى تغيير التالف منها والصيانة الدورية لها تندرج جميعها ضمن عمل البلديات في تحسين المشهد الحضاري ومعالجة التشوه البصري وتهيئة الطرق الفرعية تحديدًا فيما تبقى مسؤولية الطرق السريعة لوزارة النقل، وفي القطيف نموذج ناجح لذلك - ولله الحمد - وقد أولت بلدية محافظة القطيف اهتمامًا واسعًا بهذا الجانب من ذلك تحديث مسميات بعض الشوارع، واستحداث مسميات جديدة لشوارع أخرى، وتحسين وصيانة اللوحات التالفة، وغير الواضحة، فضلًا عن الجوانب الخدمية الأخرى لصيانة الشوارع وتهيئتها بما يضمن سلامة الجميع».
ولفت إلى أن البلدية عملت على صيانة وتنظيف لوحات الشوارع والأحياء واللوحات الإرشادية التي تبين كيفية الوصول لمواقع الأحياء، كما ركبت عددًا من اللوحات الإرشادية التحفيزية، وأشار إلى أن ذلك يأتي سعيًا لجهود البلدية في تطوير المحافظة وإظهارها بالشكل الجمالي الذي تسعى له، لافتًا إلى أن البلدية تنظم عددًا من الحملات الميدانية المكثفة لإزالة الملصقات العشوائية من الأماكن والممتلكات العامة بما فيها اللوحات الإرشادية والتحفيزية؛ وذلك في إطار تعزيز النظافة العامة والحد من الظواهر السلبية التي تشوه المنظر العام.
ودعت البلدية المؤسسات التجارية والإعلانية والأفراد إلى الامتناع عن وضع أي إعلانات أو ملصقات عشوائية على اللوحات الإرشادية أو الإعلانية في الشوارع والميادين العامة، لما تمثله هذه الظاهرة السلبية من تشويه للمنظر العام.
وأكد أن وضع الملصقات والإعلانات العشوائية على اللوحات الإرشادية المرورية أو أسماء الشوارع وأعمدة الإنارة يمثل خطورة كبيرة على مستخدمي الطرق، نظرًا إلى تسبب هذه الملصقات في طمس وإخفاء المعلومات الموجودة على اللوحات الإرشادية، إضافة إلى كونها تشوه المظهر العام، منوهًا بأن كثيرًا من الجهات الإعلانية تلجأ إلى وضع مواد لاصقة يصعب إزالتها أو تبقي أثرًا يشوه المرافق العامة بعد إزالة الملصق.
وأضاف «تتم بشكل دوري إزالة عدد من تلك الإعلانات عن مختلف أعمدة الإنارة واللوحات والإشارات المرورية في الشوارع والتقاطعات، إلا أنه يعاد وضعها مرة أخرى من قبل المخالفين»، لافتًا إلى أن الإجراءات النظامية تعمل على الحد من تلك المخالفات، والحفاظ على المظهر العام من التلوث البصري والإعلانات التجارية المخالفة، من خلال حصر أسماء كافة الجهات المخالفة، لتطبيق الغرامات عليها، وذلك بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة.
ودعا المجتمع إلى الالتزام بعدم تركيب اللوحات والملصقات في الأماكن العامة بشكل عشوائي، مهيبًا بالجميع الإبلاغ عن أي ملاحظات أو شكاوى عبر القنوات التفاعلية التي تم تخصيصها لاستقبال البلاغات والشكاوى على مدار اليوم.
أهم الشكاوى المتعلقة باللوحات الإرشادية
ـ غياب اللوحات عن كثير من الشوارع الفرعية.
ـ غياب الصيانة والنظافة لتلك اللوحات.
ـ اختفاء اللوحات خلف أغصان الأشجار وأوراقها.
ـ عدم صحة المعلومات التي تتضمنها بعض اللوحات.
ـ تجاهل اللوحات الإرشادية لأسماء بعض المدن.
ـ تشويه شركات الإعلان لتلك اللوحات بملصقات دعائية.
ـ قلة اللوحات الإرشادية ذات العلاقة بسرعات الطرق.
ـ وضع تلك اللوحات في أماكن غير مناسبة حتى تكون مرئية بوضوح.