التسلط أو التنمر آفه اجتماعيه ونفسية قاتلة. ولذلك يقول البعض إنه من الضروري كبح جماح المتسلط بمواجهته وعدم الانصياع لأوامره حتى لو كان في موقع مسؤولية ، وتجاهله وعدم منحه الاهتمام والتقدير الذّي يعزز سلوكه المتسلط، ولا بد من الابتعاد عن أخذ رأيه حتى في أصغر الأمور.

ويعد التسلط من قبل بعض المتخصصين مرضاً نفسياً، حيث إن المتسلط يعاني من عقد نفسية سابقة سببت له مشكلات في تكوين شخصيته انعكست على تصرفاته من خلال التدخل في حياة الآخرين لتعويض النقص الحاصل لديه. بينما يرى البعض الآخر أن نزعة التسلط ناتجة عن سوء تربية الأبناء وذلك بالتدليل الخاطئ والحصول على كل ما يريده الطفل مما يتسبب في تحول شخصيته إلى إنسان متسلط لأنه تعود على الحصول على كل ما يريده، مما يدفعه الى ممارسة التسلط على الأطفال الذين يرفضون تلبية مطالبه. وفي الجانب الآخر فإن قسوة الوالدين المفرطة على الابن تولد ابناً متسلطا، نتاج لما يكنه من كبت وضغط داخلي مما ينعكس على أسلوبه في التعاملات وبروز مشاعر سلبية تسيطر على سلوكه كالحقد والحسد والغيرة والكراهية للأطفال الآخرين. ولهذا فإننا لا نملك تغير واقع التنمر والتسلط، ولكن تقع المسؤولية العظمى على عاتق الآباء في حماية أطفالهم من حالات التسلط، بالمتابعة المستمرة، والتعرف على التغيرات التي تطرأ على حالات أطفالهم النفسية والتي تدل على تعرضهم للتنمر، كالخوف الشديد والذعر والعصبية وكراهية الذهاب للمدرسة وإهمال النفس وانطفاء الشغف والحزن المستمر، وفي هذه الحالة يجب التدخل والبحث عن السبب، وفي حال ثبوت حلات تنمر على الطفل فلا بد من التدخل السريع وإيقاف المتنمر عند حده.

ومن الجدير ذكره بهذا الخصوص هو أن نعلم بأن تعليم الأطفال لأساليب الدفاع عن أنفسهم عند وقوعهم في حالة تنمر من أهم الوسائل لحمايتهم وخروجهم من المأزق.


ولهذا فإن على الوالدين تعزيز الثقة في أبنائهم وعدم إهانتهم أثناء تأديبهم وتعليمهم بأنه قد يقع عليهم حالات تسلط من أقرانهم، وعليهم مواجهتها وعدم الخوف أو الرضوخ لمطالب المتسلطين وأن عليهم المواجهة والإبلاغ سواءً للمعلمين أو للآباء، وعلى الأب أن ينمي ثقافة ابنه وأن ينمي مواهبه وقدراته وأن يعلم أبناءه بعض فنون الدفاع عن النفس. كما يجب على الآباء تحذير أبنائهم من ممارسة التنمر على الأطفال الآخرين.

فحياة الأسرة يجب أن تبنى على التربية السليمة والقدوة الحسنة للأبناء، وعلى المرونة والتسامح وعلى المتابعة وعدم الرضا بالضرر للابن أو للأطفال الآخرين. وكلما استشعر أفراد المجتمع خطورة التسلط وما يتركه من أضرار نفسية ودمار وسحق لشخصية الضحية، كلما أدركوا أهمية التربية السليمة، وسعوا إلى تثقيف أنفسهم وتعليم أبنائهم أن لا ضرر ولا ضرار. وليكن شعارنا في تربية أبنائنا إبراز قيمنا الإنسانية المشتركة كالتسامح والتراحم واحترام المجتمع وحسن الجوار والتعاون. فقد قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾