من الغريب أن يراهن رجل استخبارات كالرئيس بوتين ويقف خلفه جيش من الخبراء والمحللين ومراكز الدراسات على شخص كالأسد، فشل في احتواء أزمة صغيرة، لتتحول إلى ثورة شعبية شاملة واجهها بالطائرات والدبابات والجرائم الوحشية.

إن نشوة روسيا بقبول واشنطن بخوض مفاوضات حول الملف السوري في موسكو باعتبار أنها اعتراف من أميركا بالأقطاب العالمية الجديدة، لا يعبر عن حقيقة بقدر ما يقدم آمال بوتين في استعادة بلاده لمكانتها التي خسرتها للأبد.

ومع اقتراب موعد الحسم، يوما بعد آخر، من خلال التفوق النوعي للجيش الحر الذي بات يقاتل في قلب دمشق، أصبحت روسيا تقامر كلاعب خاسر في صالة القمار، واضعا كل ما يملكه من مصالح وتاريخ وعلاقة مع المنطقة والعالم للرهان على حصان خاسر لا يواجه إرادة الشعب السوري وحده، بل إرادة الدول التي تمثل اليوم القوة الصاعدة بتحالفات وقدرة عالية على إدارة معركتها في أروقة السياسة الإقليمية والعالمية.

وفيما كان رهان أصدقاء بشار دليلا على أنهم أعداء للشعب السوري الذي يعتمد اليوم على أصدقاء له من الدول التي اختارت معركتها وراهنت على عدالة مطالب هذا الشعب وصلابته وإيمانه ومدنيته وقدرته على التضحية في سبيل صياغة مستقبل دون دكتاتورية أسرية، مثله في ذلك مثل شعوب اختارت مستقبلها في مصر وليبيا وتونس واليمن مؤخرا وفي ثورات غيرت تاريخ شعوب في روسيا وإيران والصين.