وكان المريض يتناول نحو 70 حبة دواء يوميًا، دون تحقيق أي تراجع للأورام الصفراء، بل تفاقمت حالته الصحية وغطت الأورام أجزاء كثيرة من جسده، ما جعله عاجزاً عن القيام بأبسط احتياجاته اليومية، كما حالت بينه وبين ممارسة مهنته كطبيب استشاري.
ويُعرف علمياً، مرض الورم الأصفر (xanthoma) بأنه حالة جلدية نادرة، تتسبب بتكون رواسب صفراء كثيرة من الدهون أو الكوليسترول أسفل الجلد، مصحوبة بألآم شديدة، حيث يشكل تواجدها ضرراً على صحة الفرد وجودة حياته، تتمثل في تحديات تواجه المريض في مشيه ومأكله ومشربه ونومه، فضلًا عن التأثير السلبي على مظهر جسد المريض، وانعكاسات ذلك على صحته النفسية وحياته الاجتماعية.
ولتقديم خطة علاج مخصصة لحالة المريض، شكّل "التخصصي" فريقاً طبياً مكوناً من خبراء الغدد الصماء وأطباء أمراض التمثيل الغذائي واستشاريي أمراض الدم، حيث بدأ الفريق بتشخيص الحالة، وعلى إثر ذلك قرر اعتماد بروتوكول تبادل البلازما المعدل الذي يستخدم لأول مرة في مثل هذه الحالة النادرة، ما أدى إلى سحب الدهون المستعصية من داخل الجسم، وتراجعٍ تدريجيٍ للأورام الجلدية، لتختفي تمامًا بعد فترة قصيرة من الزمن بدون أي تدخل جراحي أو دوائي على الاطلاق.
ويتضمن البروتوكول المبتكر سحب الدم من جسم المريض لفصل الجزء السائل من الدم (البلازما) التي تحتوي على الدهون المتراكمة في الدم عن خلايا المريض، ثم إعادته إلى جسم المريض بعد استبدال البلازما الضارة بمحلول بروتين (الألبومين)، حيث عمل الفريق الطبي على زيادة نسبة مميعات الدم المستخدمة لتخفيض سرعة تدفق الدم خارج جسم المريض وفصل البلازما بسلاسة أكثر، كما قام بتغيير مستلزمات فصل الدم البلاستيكية أربع مرات في الجلسة الواحدة، وتمديد مدة الجلسة الى حوالي سبع ساعات للجلسة الواحدة بدلاً عن ساعتين لتحسين فعالية وأمان عملية تبادل البلازما لتحقيق أفضل النتائج العلاجية للمريض.
وقال رئيس قسم علم الأمراض والطب المخبري في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بجدة، ورئيس الفريق الطبي المشرف على الحالة البروفسور أشرف دادا "آثرنا الإفصاح عن الانجاز بعد التثبت من استدامة نتائج العلاج لمدة تزيد عن 18 شهرا، ونأمل أن تشكل هذه الحالة بارقة أمل للذين يعانون من هذا المرض في جميع أنحاء العالم".
وأشار الدكتور أشرف إلى إنجاز الفريق الطبي ورقةً علميةً توضح خصائص الحالة والبرتوكول العلاجي المبتكر تم نشرها في مجلة (JCEM)، التي تعد الأولى عالميا في مجال طب التعثر الهرموني والأيض الغذائي الصادرة عن جامعة أكسفورد والتي رحبت بدورها هذا النجاح الملفت للنظر، خصوصا أن المريض سبق له أن سافر إلى جامعة أكسفورد لتلقي العلاج فيها دون تحقيق تقدم يُذكر، وبين الدكتور أشرف أن هذا النجاح يمثل صورة جليةً لأثر الابتكار في الممارسات العلاجية على حياة الإنسان.
وتعزز قصة النجاح والبروتوكول العلاجي المبتكر في التخصصي الطريق نحو التعاون وتبادل المعرفة مع المؤسسات الدولية الرائدة المتخصصة في الإجراءات أو العلاجات المماثلة، وذلك عبر تنفيذ مبادرات بحثية، وبرامج تبادل المهنيين الطبيين، وتنظيم ورش عمل تدريبية، للاستفادة من نجاحات "التخصصي" في تطوير الممارسات الطبية حول العالم، وترسيخ مكانته كرائد في ممارسات الرعاية الصحية المبتكرة.
يذكر أن مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث صُنف الأول في الشرق الأوسط وأفريقيا والـ 20 عالمياً، للسنة الثانية على التوالي، ضمن قائمة أفضل 250 مؤسسة رعاية صحية أكاديمية حول العالم، والعلامة التجارية الصحية الأعلى قيمة في المملكة والشرق الأوسط، وذلك بحسب"براند فاينانس" (Finance Brand) لعام 2024، كما صُنف في ذات العام من بين أفضل 250 مستشفى في العالم من قبل مجلة نيوزويك .(Newsweek)