ومع ذلك، يجب أن نلقي الضوء على تحديات معينة، ومن بين هذه التحديات، ما لفت انتباهي وهو ما ذكرته الهيئة العامة للإحصاء حول معدل ارتفاع التضخم السنوي في السعودية. حيث سجل 1.6% خلال أبريل من العام الجاري، مقارنةً بالنسبة ذاتها في مارس الماضي. يُعزى هذا الارتفاع بشكل رئيسي إلى ارتفاع أسعار قسم (السكن) والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 8.7%.
ومن الجدير بالذكر أن الإيجارات الفعلية للمساكن ارتفعت بنسبة 10.4% في أبريل الماضي، متأثرةً بزيادة أسعار إيجارات الفلل بنسبة 9.4 %. ويُعد هذا الارتفاع في الإيجارات جزءًا كبيرًا من سبب استمرار وتيرة التضخم السنوي لأبريل 2024، نظرًا للوزن الذي تشكله المجموعة والبالغ 21 %.
هذه الأرقام تتحدث عن نفسها، العقار وما أدراك ما العقار وخصوصًا الأراضي!
وهنا يكمن التحدي! ولكن بشكل أدق، اكتناز الأراضي. هناك تريليونات الريالات مخزنة حاليًا في العقار، وللأسف، يؤثر العقار في شهية التجار ورجال الأعمال للاستثمار في الأنشطة الاقتصادية الأخرى. إن العقار، وخصوصًا الأراضي، يجمد السيولة ويؤثر في صرف الفرد على بقية الأنشطة الأخرى. للأسف، أصبح العقار والأراضي حلا سهلا للربح السريع، وهذا يؤثر في الدورة الاقتصادية.
التأثيرات الاقتصادية الشاملة تشمل التقليل من الكفاءة الاقتصادية ويُعيق التنافسية، مما يُؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي.
من المؤسف أن السوق العقاري يؤثر سلبًا في استعداد التجار ورجال الأعمال للاستثمار في مجالات اقتصادية متنوعة أخرى. لأن الاستثمار في العقارات، وخاصة الأراضي، يؤدي إلى سحب السيولة من السوق وتجميدها، ما يقلل من خلق فرص العمل ويعيق حركة الاقتصاد. هذا الوضع يؤثر أيضًا في الإنفاق الفردي في مجالات أخرى مثل الترفيه والتجارة والتسوق، التي بدورها تساهم في توليد الوظائف وتحريك الدورة الاقتصادية.
وللأسف مرة أخرى، أصبح الاستثمار في العقارات والأراضي ليس فقط وسيلة سهلة لتحقيق أرباح سريعة، بل أصبح طاردًا للاستثمار في مجالات ملحة لصحة أي اقتصاد مثل الصناعة والتجارة والخدمات والتكنولوجيا، العديد من التجار ورجال الأعمال بدؤوا يتجنبون الاستثمار في أنشطة اقتصادية مهمة، فلماذا يبذلون جهدًا في مشاريع أخرى إذا كان بإمكانهم تخزين أموالهم في العقارات ومشاهدة قيمتها تتضاعف مع مرور الوقت دون جهد يُذكر؟ والأسوأ من ذلك، بعض الشركات التي تعمل في مجالات تجارية أخرى بدأت تستثمر جزءًا من رأس مالها في العقارات لأنها تجد فيها عوائد أعلى بكثير من نشاطها الأساسي. لا تتفاجأ إذا وجدت شركة خاسرة في نشاطها الرئيس ولكنها تحقق أرباحًا من خلال التجارة في العقارات لتعويض خسائرها وتوزيع الأرباح. هذا النهج أصبح الطريقة السهلة لبعض الشركات بدلا من إعادة هيكلة أو تحسين نشاطها الأساسي.
أقترح على الجهات المعنية إعادة الهيكلة وتحديث المشاريع والأنشطة الاقتصادية في الرؤية بإيلاء اهتمام خاص لقطاع العقارات، الذي يمثل تحديًا كبيرًا يفوق بمراحل العقبات الأخرى. إذا ما تم تسييل جزء من الأراضي الواسعة المملوكة للتجار، سنشهد تنشيطًا قويًا للحركة الاقتصادية ونموًا ملحوظًا في الناتج الوطني. هذا غير أن تقليل تكاليف السكن سينعكس بشكل مباشر على الصرف الفردي الإيجابي على الأنشطة الاقتصادية الأخرى المنشطة للاقتصاد والوظائف مثل السياحة والخدمات والتجارة. إن الاحتكار في الأراضي بدأ يلقي بظلاله على قطاع العقارات والسكن نفسه وبشكل مباشر، حيث يُعتقد أن الاحتكار يعطل أكثر من 120 نشاطًا مرتبطًا بالعقارات. وبالتالي، فإن تأثيره لا يقتصر فقط على الأنشطة التجارية والصناعية الأخرى، بل يمتد ليؤذي أيضًا التطوير العقاري والسكن وعمليات التطوير المرتبطة بها.
ملاحظة في موضوع آخر، أرسلت وزارة التجارة مشكورة رسالة جميلة للتجار، وهذا ما دعونا له وكتبنا أكثر من مقال، تقول الرسالة:
عميلنا العزيز، قبول التعامل ببطاقات الشبكات العالمية «VISA - Mastercard - American Express - UnionPay - DISCOVER» يوسّع قاعدة عملاء منشأتك، ويسهم بزيادة المبيعات في ظل الإقبال على الدفع الإلكتروني، وتوافد السيّاح إلى المملكة.
«وزارة التجارة»