مع حرص المستهلكين على انتقاء أسماك الأكل من صيد اليوم، وتجنبهم تلك التي تم اصطيادها في أوقات سابقة، على الأخص مع سرعة فساد السمك إذا لم يحفظ جيدًا وسط شروط لائقة، لجأ باعة في محلات ومطاعم الأسماك إلى وسائل ملتوية لإيهام المشتري أن ما يقدم له من أسماك هي أسماك طازجة، وأنها من صيد اليوم.

ومن الوسائل التي يعمد إليها بعض الباعة، خلط الأسماك الطازجة بتلك القديمة، مع وضع الثلج المجروش عليها خلال عرضها بحيث تختلط على المشتري إن لم يكن خبيرًا في معرفة السمك الطازج من ذاك الذي اصطيد قبل يوم أو أكثر، حيث يسهم الثلج المجروش في الحد من الرائحة العفنة للسمك غير الطازج، كما قد يلجؤون إلى نزع عيون السمكة وخاصة ذات الحجم الكبير، اعتمادًا على أن السمك الطازج يعرف من مدى بريق العين، ويلجأ آخرون إلى تلوين الخياشيم بصبغة حمراء، خصوصًا أنه من المعروف أنه كلما كانت خياشيم السمك حمراء أو مائلة إلى اللون الوردي كانت تلك علامة على أنها طازجة، حيث تكون عين السمك الطازج صافية ولامعة وخالية من الاصفرار.

إيهام المستهلك


يوضح سيف الأحمدي، وهو مشرف في مطعم للأسماك أن الأسماك التي تقدم في المطعم لا بد أن تكون من صيد اليوم، لكنه لا ينكر أن هناك مطاعم توهم زبائنها بأن ما تقدمه لهم هو سمك طازج من صيد اليوم.

ويقول «نشتري الأسماك من السوق فجر كل يوم، لكن هذا لا ينفي أن هناك مطاعم توهم المستهلك بأن ما يقدم له من أسماك هي أسماك طازجة».

وشرح «في الواقع، نجد بعض هذه المطاعم تحفظ الأسماك في ثلاجات ليوم أو أكثر، ثم تقدمها للزبائن في اليوم التالي، وهي تضع عليها الثلج المجروش حتى لا تنكشف أنها أسماك تم اصطيادها من عدة أيام».

وتابع «ما يميز السمك الطازج هو العين الصافية والخياشيم الحمراء، ولكن من يقع في هذا الفخ هم المستهلكون الذين ليس لديهم خبرة في اختيار الأسماك».

وعن الاختلاف بين السمك الطازج، أي من صيد اليوم، والسمك الذي اصطيد منذ أيام، قال «الطازج وصيد اليوم يختلف من ناحية الطعم والجودة وطراوة اللحم عن ذاك القديم، صحيح أن القديم ليس فاسدًا أو متعفنًا لكن جودة لحمه أقل، كما أن طراوته تختلف».

أحواض داخل المحلات

أكد عبدالمجيد أحمد، وهو عامل في محل أسماك أن بعض المحلات تقوم بوضع حوض سمك داخلها، وتضع فيه أسماكًا من أنواع مختلفة حتى يطمئن المستهلك أن ما يقدم من أسماك هي طازجة، لكنه استدرك، وقال «أحيانًا يكون الواقع خلاف ذلك، حيث تشكل كميات الأسماك في الأحواض قدرًا قليلًا من الأسماك التي يتم بيعها، والتي تكون محفوظة في الثلاجة، وهذه على الرغم من أنها صالحة للاستهلاك فإنها ليست طازجة، وهي تختلف من حيث الطعم والجودة وليونة اللحم عن تلك الطازجة».

وحول ما إن كانت الأسعار تختلف، قال «المحلات التي تحدثت عنها تجد أسعار الأسماك لديها نحو 150 ريالًا لكيلو الناجل، وللهامور 80 ريالًا، والحريت 90 ريالًا، والروبيان الجامبو 60 ريالًا، وتختلف أسعار السمك بحسب النوع والحجم والمصدر والوفرة، حيث تكون أسعارها أقل في سوق السمك، ويكون السمك البلدي هو الأغلى سعرًا والأندر في السوق، حيث يباع كيلو سمك الهامور البلدي بـ40 ريالًا ويصل في بعض الأحيان إلى 70 ريالًا، بينما يباع كيلو الهامور المستورد بـ25 ريالًا، وكيلو الناجل 120 ريالًا، ويباع كيلو الشعور البلدي بـ45 ريالًا، بينما يباع المستورد بـ25».

ملح وثلج

يشير صالح فهد، وهو أيضًا مشرف في مطعم أسماك إلى أن بعض المطاعم تعمد إلى أساليب عدة للغش في بيع الأسماك، ولعل هذا ما يفسر استمرار الجولات الرقابية من قبل الأمانات التي تحرص على ضبط المخالفين من أصحاب تلك المطاعم.

ويبين أن «وسائل غش السمك، خلط الأسماك القديمة مع أخرى طازجة، ونزع عيون الأسماك وخاصة الكبيرة لأن بريق أعين الأسماك يكشف عادة للمستهلك جودتها، وتلوين الخياشيم بصبغة حمراء، وخلط الأسماك التي لا تكون صيد اليوم بالثلج المجروش حتى ينخدع المستهلك ويشتريها على أنها طازجة، ورش الملح على الأسماك غير الطازجة لإخفاء الألوان غير المرغوب فيها».

وأضاف «أغلب محلات الأسماك لا بد أن تقوم بشكل يومي بزيارة إلى سوق السمك لشراء الأنواع المختلفة التي تحتاجها من الأسماك، وتحفظها في الثلاجات حتى تقدم طازجة، وكلما حرصت على ذلك انعكس الأمر إيجابًا على سمعة المحل وثقة المستهلكين بما يقدمه».

مظاهر فساد الأسماك

في الوقت الذي يتم التركيز فيه على معرفة السمك الطازج، من ذاك الأقدم منه، فإن هيئة الغذاء والدواء كانت قد بينت كيف يتم الاستدلال على الفساد في الأسماك، وذلك لتحذير المستهلكين من أكل هذا السمك الفاسد مع كل المخاطر التي قد يجلبها.

وبينت الهيئة أن من أهم مظاهر الفساد في الأسماك تغير في الرائحة، ويتدرج من رائحة السمك (البايت)، مرورًا برائحة النشادر، ثم رائحة التفسخ وهي رائحة كريهة وتشترك في إظهارها مركبات كثيرة، وقد تلاحظ الزناخة في الأسماك الدسمة كنتيجة لتأكسد الدهون.

كما بينت أنه من مظاهر الفساد في الأسماك تغير لون الخياشيم، حيث تعد منطقة الخياشيم أكثر أجزاء السمكة عرضة للفساد الميكروبي، لذا فإن اللون والرائحة فيها يتغيران حالما يبدأ الفساد، ويمكن ملاحظة تغير اللون الوردي المحمر للخياشيم إلى اللون الوردي الباهت إلى البني ثم الأصفر الرمادي حسب درجة الفساد، كما أن لون الجلد يتغير من اللون البراق المميز للسمك إلى اللون البني الترابي الباهت، وقد تظهر ألوان أخرى مقرونة بطبقة لزجة على سطح الجلد نتيجة نمو بعض الميكروبات، ولا سيما في السمك المبرد.

ومن مظاهر الفساد للأسماك تغير قوام اللحم من مشدود ومتماسك إلى طري يخرج من العصر عند الضغط عليه مع سهولة انفصاله عن العظم وهذا التغير يكون نتيجة لتحلل البروتين بسبب النمو الميكروبي، ونتيجة للتحلل الذاتي الذي ينشأ من جراء نشاط الأنزيمات الذاتية في اللحم.

كما بينت أن من مظاهر الفساد أيضًا أن العيون تفقد بريقها وتضمر وتصبح غائرة، كما أن منطقة الذيل تتلون بلون بني محمر.

علامات الطازجة

من جهته، أوضح خالد فالح، وهو صياد سمك أن هناك علامات تدل على أن السمك المعروض طازج، حيث لا بد أن يتميز بالعيون الجاحظة، وأن تكون عيونه براقة بحدقة زجاجية لامعة، وأن تكون الخياشيم وردية محمرة، وجلد السمك لامعًا خاليًا من اللزوجة، واللحم متماسك، ورائحة السمك تكون مميزة.

وبالنسبة للقطع من الأسماك التي تباع في المطاعم مثل قطع الناجل أو السلمون أو الحريت وغيرها، قال «لا بد أن يكون سطح القطع رطبًا واللون أبيض».

وعن طرق حفظ الأسماك بعد صيدها، قال «هناك طرق للحفاظ على الأسماك عند صيدها، ومنها التبريد الفوري في قارب الصيد، والحرص عند إزالة الأحشاء من داخل السمك وأن تلقى بعيدًا عن بقية أجزاء السمك، ولا بد أن ينظف السمك بماء مكلور يحتوي على جزأين إلى خمسة أجزاء بالمليون من الكلور، ويجب إبقاء قارب الصيد نظيفًا، ويمكن غسله دائمًا بماء مكلور يحتوي على 10- 15 جزءًا بالمليون من الكلور».

غياب الوفرة

شدد محرّجون في حراج السمك على أن الحراج يحفل بأنواع عدة من الأسماك، لكنه قد يفتقد في بعض الأشهر لأنواع محددة من الأسماك كأن يكون ممنوع صيدها خلال تلك الأشهر، وهنا لا تعود متوفرة، لذا ربما تأتي من أسواق أخرى.

وبين هؤلاء أن مطاعم الأسماك التي تنتشر بكثرة على سبيل المثال في ثول شمال جدة، غالبًا ما تكون من المرتادين اليوميين لسوق حراج السمك، حيث تحرص على شراء أنواع عدة من الأسماك بأسعار منخفضة حيث يحرصون على شراء الطازج وتقديمه للمستهلك.

نسبة الامتثال

بيّن المتحدث الرسمي لأمانة جدة محمد البقمي، أن الفرق الرقابية لبرنامج «إجادة» تواصل جهودها لرفع نسبة الامتثال وحفظ أمن وسلامة الغذاء المقدمين للقاطنين والزائرين، مؤكدًا أن مدينة جدة تعد بوابة الحرمين، وتستقبل ملايين الزوار خلال موسمي الحج ورمضان، وأن الأمانة تحرص على تكثيف جولاتها الرقابية على المنشآت الغذائية وغيرها لرفع نسبة الامتثال وتحسين جودة الخدمات.

وأشار إلى أنه خلال عام 2023 تم تنفيذ نحو 260 ألف جولة رقابية على المنشآت الصحية والتجارية والغذائية، وفحص أكثر من 16 ألف عينة.

ومنذ بداية عام 2024 تم تنفيذ أكثر من61 ألف جولة رقابية على المنشآت المختلفة، وفحص أكثر من 7 آلاف عينة.

ومنذ بداية عام 2023 وحتى تاريخ 16 مايو الجاري تم إصدار أكثر من 130 شهادة صحية.

أساليب لغش الأسماك

ـ خلط الأسماك الفاسدة مع أخرى طازجة.

ـ نزع عيون السمكة وخاصة ذات الحجم الكبير.

ـ تلوين الخياشيم بصبغة حمراء.

ـ خلط السمك غير الطازج بالثلج المجروش للحد من رائحته العفنة.

ـ تجميد الأسماك التالفة.

من مظاهر فساد الأسماك

ـ تغير في الرائحة، تدرجًا من رائحة السمك (البايت)، مرورًا برائحة النشادر، ثم رائحة التفسخ.

ـ تغير لون الخياشيم من اللون الوردي المحمر إلى اللون الوردي الباهت إلى البني ثم الأصفر الرمادي حسب درجة الفساد.

ـ تغير لون الجلد من اللون البراق المميز للسمك إلى اللون البني الترابي الباهت.

ـ تغير قوام اللحم من مشدود ومتماسك إلى طري يخرج من العصر عند الضغط عليه، مع سهولة انفصاله عن العظم.

ـ فقدان عيون السمك للبريق وضمورها وتصبح غائرة.

ـ تلون منطقة الذيل بلون بني محمر.