قبل كتابة هذا المقال، قلت لنفسي (لا بد من أخذ جولة سريعة على بعض مواقع التواصل الاجتماعي لبعض المؤسسات الحكومية) للبحث عن محتواها، وما هي الرسالة الإعلامية أو الخطاب المستخدم، والطريقة التي يكتب بها المضمون، وما الهدف الأساسي الذي تريد المؤسسةايصاله للجمهور؟ ما وجدته هو أن بعض هذه المؤسسات والقطاعات الحكومية، جعلت من هذه المنصات سرديات للإنجازات التي تحققها، ونشر الاحتفالات والمشاريع التي تقدمها. ولست اعترض على هذا، بل هو شيء محبب لكي تعلم الجماهير أن هذه المؤسسات تقوم بأعمال ومشاريع وخطط تنفذها، ولكن ما أرمي إليه، هو كيفية التعامل مع احتياجات وشكاوى ومقترحات هؤلاء الجماهير، فهم يعتبرون العين الناقدة والبناءة في الوقت نفسه، وهم المستفيد الأخير من خدمات ومنتجات هذه المؤسسات. من يتابع الخطاب المخصص لهذه المنصات يجد أن من يعلق على بعض الشكاوى أو المقترحات أو الملاحظات، لا يمتلك السلطة في الرد أو حل المشكلة، وإنما يكتفي بمقولة سيتم الرد، أو سيتم نقلها للجهات المسؤولة، أو يمكن التواصل على الرقم.... وفي اعتقادي أن مثل هذا الأسلوب يعتبر إغفالا لعنصر مهم تقيم به العملية الإدارية والخدماتية وسمعة المؤسسة من خلال الجماهير. فهذه الجماهير ليست لديها رغبة في معرفة الإجراءات الإدارية، وإنما تحكم على المؤسسات من خلال أمرين. الأول هو سرعة الاستجابة، والأمر الآخرهو حل المشكلة أو إعطاء معلومات واضحة وخطوات لكيفية حل المشكلة، والتعليق على الملاحظات. هذا ما تحتاجه الجماهير عندما تذهب لوسائل التواصل الاجتماعي، أو تذهب لمنصات هذه القطاعات، فهي في حاجة إلى إجابات سريعة وشافية من المسؤولين عن المؤسسات الحكومية والخاصة. كذلك نجد القائمين على هذه الوسائل -البعض منهم- ليست لديه القدرة على التعامل مع الخطاب الحاد أو الجارح من قبل الجماهير، فالعامة من الجماهير قد تفقد أعصابها وسلوكياته عندما تتعرض لموقف معين، وبالتالي وجب على من يعمل في وسائل التواصل الاجتماعي لهذه المؤسسات، أن يأخذ هذا بعين الاعتبار، والتدرب على كيفية التعامل مع الجمهور بجميع مستوياته.
فالفكرة الأساسية من مواقع التواصل قائمة على المشاركة ومعرفة وجهات النظر والتفاعل حول الموضوعات المطروحة من قبل الجماهير والمؤسسات، وألا تغير رسالتها أو تنجرف بعيدًا عن أهدافها ورؤيتها، وأن تكون هذه المنصات أحد سبل التطور والتحسين المستمر في منظومة المؤسسة وألا تتحول المنصات الإعلامية إلى وظيفة إعلانية ودعائية فقط، تحاول إبراز الجانب المشرق دون تحسين وتطوير الجانب الآخر من العمليات داخل منظومتها. فقد تسبب هذه السياسة غضبًا جماهيريًا عارمًا يصعب التعامل معه حتى وإن كان على أمر بسيط، فالجماهير عاطفية بطبعها وسريعة الغضب، ولا يمكن أن تقدم الاعتذار أو الاعتراف بالخطأ، حتى وإن أخطأت لأنها كيان جمعي.
خلاصة القول إن المسؤول لا بد أن ينظر إلى هذه الوسائل وما يقدم من خلالها من شكاوى أو اقتراحات بعين الاعتبار، لأنها تعتبر مرآة حقيقية، يمكن النظر من خلالها إلى الأداء والتقييم المستمر، وأن يكون التعامل مع ما يطرح بكل شفافية وموضوعية ومسؤولية كاملة.