كشف مجلس التعاون لدول الخليج العربي عن نية الولايات المتحدة الأميركية في عهد الرئيس باراك أوباما فتح باب مفاوضات التجارة الحرة مع دول الخليج العربي؛ بدلاً من المفاوضات أحادية الجانب كالمعمول بها في عهد الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن.

وقال مدير إدارة العلاقات الدولية في المجلس الدكتور عبدالعزيز العويشق في حوار خص به "الوطن" إن مفاوضات المجلس مع نظيره الأوروبي شبه منتهية، إلا أنها توقفت لسبب بسيط يتعلق بشروط رسوم الصادرات، واضعاً الكرة في ملعب الأوروبيين للموافقة على الشروط أو إزالتها، مبيناً في ذات الوقت أن لدى المجلس 40 عملية تفاوضية تجارية حرة مع العديد من دول العالم.

وتوقع أن تحقق دول المجلس مجتمعة نمواً اقتصاديا بمعدل 8% بسبب ارتفاع أسعار النفط وخطط التحفيز الاقتصادي والبرامج الاجتماعية، والتي كانت من أهمها حزمة الأوامر الملكية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والتي وصلت قيمتها إلى نحو 500 مليار ريال، لكنه أوضح أن القطاع الخاص سيحقق نمواً أدنى من ذلك المعدل.

وإليكم نص الحوار:

إلى أين وصلت مفاوضات التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي؟

إن مفاوضات التجارة الحرة حالياً هي شبه منتهية تقريبا، ولم يتبق سوى موضوع واحد فقط، ولا زلنا ننتظر من الجانب الأوروبي أن يبدي مرونة فيه، وهو شروط رسوم الصادرات، وهو شرط وضعه الاتحاد الأوروبي، ولكنه غير مقبول من دول المجلس، والكرة الآن في ملعب الأوروبيين في انتظار إزالة شروط رسوم الصادرات. وتعتقد دول المجلس أن من حق الطرفين، الأوروبيين والخليجيين فرض شروط للرسوم في إطار قواعد منظمة التجارة العالمية فقط، ويشكل ذلك الموضوع العالق في مفاوضات التجارة الحرة.

هناك خلاف بين الجانبين الأوروبي والخليجي فيما يتعلق بشروط رسوم الصادرات وليس على الرسوم نفسها، ماأبرز الشروط التي ترفضها دول الخليج؟

اقترح الاتحاد الأوروبي وضع مادة تمنع حق دول المجلس في فرض رسوم ومطالبات على الصادرات الخليجية ، كما وضع حدا زمنيا من 3 إلى 5 سنوات لإيقافها، إضافة إلى فرض رسوم بمعدل 2 إلى 5% على صادرات دول المجلس.

هل هناك استئناف لمفاوضات أو حوارات مع الجانب الأوروبي للضغط عليهم أو لتقليص بعض الشروط التي يفرضونها؟

الجانبان مقتنعان بأهمية استئناف المفاوضات، لكن دول مجلس التعاون تعتقد أن المرونة يجب أن تأتي من الجانب الأوروبي، لأن فرض رسوم الصادرات هو حق مكفول في إطار منظمة التجارة العالمية، وستقبل دول مجلس التعاون أن يكون هناك نص في الاتفاق يتعلق برسوم الصادرات، حيث تلتزم دول مجلس التعاون باتفاقات منظمة التجارة العالمية الحالية والمستقبلية لتنظيم رسوم الصادرات ويترك الباقي خاضعاً لاتفاقات التجارة العالمية. ويعبر الجانب الأوروبي باستمرار عن الأهمية الإستراتيجية لعلاقته مع دول مجلس التعاون، ونأمل أن يؤدي ذلك إلى مرونة من الجانب الأوروبي. والآن طرأ موضوع الإغراق، ونحن لا نتمنى أن يصل ذلك إلى حد عرقلة استمرار المفاوضات، لأنه من الواضح أن هناك إجراءات عقابية ضد دول المجلس التعاون، وهذا ما يضيف جواً سلبياً على استئناف المفاوضات.

كم يبلغ حجم التبادل التجاري بين دول الخليج العربي مع الاتحاد الأوروبي؟

وصل حجم التبادل التجاري مع الاتحاد الأوروبي إلى 152 مليار دولار العام الماضي. وتأتي الصين كأهم شريك لدول الخليج بعد الاتحاد الأوروبي بنحو 100 مليار دولار.

كم لدى مجلس التعاون من مفاوضات تجارة حرة حالياً؟

لدينا أكثر من 40 عملية تفاوضية مع عدة دول للتجارة الحرة.

ماذا عن المفاوضات الأحادية من الجانب الأميركي مع دول الخليج، رغم أنه بوجود منظومة خليجية واحدة يفترض أن تكون المفاوضات جماعية؟

هذا الموضوع يرجع إلى فكرة إدارة الرئيس السابق بوش للمشروع الذي طرح بمسمى مشروع الشرق الأوسط الكبير، وكان من ضمن عناصره توقيع اتفاقية تجارة حرة فردية بين الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط، التي تلبي اشتراطات معينة. ولم يكن من ضمن سياسة الرئيس بوش الدخول في مفاوضات جماعية مع أي مجموعة، وليس فقط مجلس التعاون، في حين أن إدارة أوباما لديها توجه مختلف ورغبة بوجود تعاون شامل مع دول الخليج من خلال مفاوضات التجارة الحرة، علما بأن الإدارة ليس لديها تفويض من الكونجرس بإبرام أي اتفاقية تجارة حرة مع أي جهة في العالم. لقد انتهى التفويض في آخر سنة للرئيس بوش ولم يجدد بعد، ولا تدخل أمريكا في مفاوضات تجارة حرة مع أي دولة في العالم، إلا أن الإدارة الجديدة في عهد اوباما أبدت لنا عدة مرات رغبتها في الدخول في تعاون.

هل تقصد أن إدارة أوباما تمهد للدخول في مفاوضات تجارة حرة مستقبلا؟

نعم، لها نوايا في الدخول في تعاون وثيق مع دول مجلس التعاون قد يؤدي في المستقبل إلى مفاوضات تجارة حرة، وهذا خاضع للتقييم مثله مثل أي من الجانبين، وعرضت هذه الرغبة على المجلس الوزاري ومجلس التعاون، إذ وافق في مارس الماضي على توقيع اتفاق إطاري للتعاون الاقتصادي والتجاري مع دول المجلس، وقد يمهد فيما بعد للمفاوضات، وهو يشمل عناصر كثيرة. وقدم نص مقترح إلى الجانب الأميركي على شكل مسودة، ورد عليه الجانب الأميركي بمسودة أخرى، ولا نزال حاليا في تفاوض ومناقشة مع الجانب الأميركي على الاتفاق الإطاري للتعاون الاستثماري والاقتصادي.

ما حجم التبادل بين دول الخليج مع دول العالم الخارجي؟

بلغ حجم التبادل مع العالم الخارجي نحو 800 مليار دولار خلال العام الماضي.

من هم أهم شركاء دول الخليج التجاريين الجاري التفاوض معهم؟

باستثناء الولايات المتحدة، لدينا مفاوضات للتجارة الحرة مع معظم كبار الشركاء التجاريين، فالشريك الأول الاتحاد الأوروبي، ويليه الصين واليابان، كما أن لدى الخليج مفاوضات تجارة حرة مع دول الآسيان.

أين وصلت منطقة التجارة العربية الحرة؟

وقعت الاتفاقية وبدأ تنفيذها عام 2005.

لكن لم تدخل جميع الدول حيز التنفيذ، إذاً كم دولة دخلت وبدأت التنفيذ؟

صحيح.. هي 17 دولة دخلت وبدأ تنفيذه، بحيث تعامل السلعة مثل السلعة الوطنية، ويحدد السلعة الوطنية عدة قيود أهمها أن تكون القيمة المضافة فيها لا تقل عن 40% من منتج المنشأ المحلي.

نعود إلى الجانب الخليجي، هل تتوقع نتائج إيجابية للاقتصاد الخليجي وكيف تتوقع نتائجها؟

نعم، وأتوقع أن تحقق دول الخليج كمجموعة معدل نمو إيجابي، وستحقق معدلات نمو لم تحققها منذ بدء الأزمة العالمية في حدود 8% كمجموعة دول خلال العام الحالي. وأحد الأسباب طبعاً هو ارتفاع أسعار النفط والسبب الآخر الخطط المالية التحفيزية التي طرحت في إطار المجلس، ومن أحدثها وأقربها الخطة التي تبناها خادم الحرمين في شهري فبراير ومارس الماضيين، والذي أعلن فيها عن حوالي 30 مشروعاً وبرنامجا قيمتها الإجمالية حوالي 500 مليار ريال، ولهذه الأسباب سنحقق معدلات نمو عالية، والقطاع الحكومي فيه نمو مع الإنفاق الحكومي، إلا أن هناك تحدياً في شأن مساهمة القطاع الخاص، الذي لا زالت معدلات النمو فيه أقل بكثير من 8%.

هل توجز لنا نتائج السوق الخليجية المشتركة قبل 3 سنوات والتي بدأ العمل بها عام 2008؟

بدأت السوق الخليجية المشتركة في 2008، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الاستثمار البيني بين دول مجلس التعاون إلى أكثر من 80% خلال السنوات الثلاث الماضية. وفيما يتعلق ببرامج التنمية، فدول مجلس التعاون تبنت لأول مرة في تاريخها برنامجاً مثل تنمية دول المجلس، وهو برنامج لتنمية وتمويل مشاريع التنمية في البحرين وعمان بقيمة 20 مليار دولار على مدار 10 سنوات، فالسوق الخليجية المشتركة وبرنامج تنمية دول مجلس التعاون تمثل تحولات شديدة وتطورات جديدة في مجلس التعاون باتجاه زيادة الاستثمارات البينية والمساعدات البينية داخل منطقة المجلس. في حين أن جميع الأسواق المالية الخليجية حسنت من إجراءاتها الداخلية للإفصاح والرقابة والشفافية، وبخاصة أنها مرت بأزمتها قبل الأزمة المالية العالمية عام 2006، واستطاعت إدخال الكثير من الإجراءات وقواعد الإفصاح، ولكن ما زال هناك تحد إذا لم تستطع هذه الإجراءات إقناع المستثمر.