من أهم الأمور، أننا لسنا في دولة صغيرة يعد السفر فيها نزهة، فبلادنا شبه قارة والمقارنة هنا لا توجهنا وجهة صحيحة إذ هي مقارنة مع فوارق كبرى، يختلف الطقس بين مناطقنا ومدننا، فحين يكون الصيف لطيفًا في الباحة يكون حارقًا في جدة، وبينما الشتاء حالم في الأحساء هو زمهرير في حائل.
تختلف أيضًا طبيعة شهر رمضان في مجتمعنا، حتى إن الأطفال في المرحلة الابتدائية يصومون، وهذا يقلل بلا شك من قدرتهم على التعلم والتفاعل الجيد، ناهيك عن طبيعة الضغوط المادية والارتباطات الاجتماعية في هذا الشهر، والتي تعد موضوعًا متوارثًا يصعب تغييره.
من جهة أخرى فإن مستوى التنمية وجودة البنى التحتية والمباني، تختلف أيضا من منطقة لأخرى، كما أن المواسم الدينية تدرك مدننا المقدسة بشكل فعلي ابتداء من رجب، عدد من معلمينا يعملون في مناطق بعيدة، والبعض منهم قد لا يرى أسرته شهرًا أو أكثر، كما يتكلف البعض الآخر مبالغ طائلة للسفر في إجازة مدتها 10 أيام فقط.
أخبرتني إحدى الزميلات أنها دفعت أكثر من 10 آلاف ريال قيمة تذاكر وإقامة لها ولأسرتها لتسافر من المدينة للرياض في إجازة العيد، وهو مبلغ قد يعد كبيرًا إذا ما قورن بمدة الإجازة.
نعرف أن للتعليم خصوصيته، فهو جزء لا يتجزأ من حياة الأسرة، هو ما يضبط إيقاع البيوت، فيحدد مواعيد النوم والاستيقاظ، ويحدد المصروفات والنفقات، بل أصبح يحدد حتى خطط الزواج والإنجاب، وحيث يتعالق التعليم مع المجتمع إلى هذا الحد، فإنه من المناسب إعادة النظر في مواعيده، ومدته ليكون مؤديًا لرسالته ومحققًا أهدافه، مع كونه أكثر سلاسة وأقل ضغطًا.
لا نعني بالطبع اختصار وقت التعلم، كما لا نتوقع وضع تقويم لكل منطقة أو إدارة تعليمية، لكن المتوقع أن يصمم التقويم بشكل ذكي في ضوء واقع ميداننا، فيأخذ بعين الاعتبار الظرفيات العامة والإمكانيات المتوافرة، وطبيعة البرامج التعليمية المقدمة خلال العام الدراسي.
المتوقع أن يكون التقويم القادم إطارًا زمنيًا متداركًا، فيقدم لنا رحلة تعليمية منتجة ومحببة وخالية من الهدر.