فقد طالع العالم كله البيان الصادر مؤخراً من وزارة الخارجية الذي يشير إلى ترحيب المملكة بتبني الجمعية العامة للأمم المتحدة بالأغلبية الساحقة قراراً يقر بأن دولة فلسطين مؤهلة للعضوية الكاملة في الأمم المتحدة وفقاً للمادة 4 من ميثاقها، ومنحها حقوقاً ومزايا إضافية، مع التوصية لمجلس الأمن بإعادة النظر بشكل إيجابي في هذه المسألة.
هذا الترحيب يأتي في سياق المواقف السعودية المستمرة والمشهودة تجاه فلسطين وشعبها، وهي مواقف لم تنحصر في الدعم السياسي وحده، بل ترجمتها إلى مساندة لم تنقطع بالدعم في كل المجالات، والمبادرة بالعون العيني والنقدي، والمساندة الإنسانية من دون توانٍ أو تأخير.
جاء البيان ليؤكد أن الإيمان بعدالة القضية الفلسطينية مبدأ لا محيد عنه، باعثاً رسالة كاملة الوضوح لكل العالم بأن المملكة بمكانتها الدولية الكبيرة، على عهدها بمساندة حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة في إطار حل الدولتين.
هذه الرسالة لها مضامينها في توجيه مسار العلاقات الدولية، كما لها مؤشراتها وثقلها في دعم الرأي العام العالمي الذي يساند هذا الاتجاه، رغم كل العراقيل التي يتم وضعها، والتداعيات التي تحدث جراءها، والتي تتهدد الأمن والاستقرار في المنطقة وفي العالم أجمع.
إن المملكة حين تتصدى بكل هذا الزخم المستمر لدعم الشعب الفلسطيني، تعبر عن أصالة مواقفها الحقيقية، من دون التفات لصغائر المزايدات، فالمواقف هي التي تثبت صدق التوجه، والإعلان المصحوب بالدعم لهذه المواقف هو المعبّر عن صلابة الإرادة، والإصرار على إعادة الحقوق لأهلها، مهما طال زمن الظلم والعدوان.
بهذا الدور السعودي المشهود من واقع القراءة المتعمقة لقضايا العالم، وكذلك من واقع سياسات المملكة الحكيمة واستشعارها للمسؤولية باعتبار مكانتها الدولية المتقدمة، تأخذ بلادنا بيد العالم إلى وسائل إطفاء الحرائق المهددة للمجتمع الدولي، وتدلي بدلوها المصحوب بثقلها لكي تعاد كل الحقوق المسلوبة إلى أصحابها ورفع كل المظالم على مختلف الأصعدة، حيث يصعب أن تنعم جهة في كوكب الأرض بالاستقرار المستدام، ما دامت هناك بؤر تدور فيها الصراعات، وتحيق بها الكوارث والمظالم.
أكدت المملكة ثباتها على مبادئها وبثت الرسائل الواضحة في هذا الاتجاه، وأعادت عبر بيان وزارة الخارجية تأكيد رؤيتها تجاه القضية الفلسطينية، حيث لا مجال للحل إلا عبر استعادة الحقوق، ولا إزالة للمهددات إلا باستخدام المفتاح السليم لشق الطريق نحو استقرار المنطقة وكل العالم.