من السهل جداً أن تتحدث عن تأييدك وشجبك لموقف ما، أو عن معاني الحرية والحقوق والإنسانية وأنت متكئ في مجلسك وجوالك الذي يتنقل بك في "تويتر" وعالم "الفيس بوك" "ميكرفونك" الذي تعلن فيه عن مواقفك وتشمر به عن أسلحتك، لا تحمل همّ أحد أو مسؤولية حياة بشر أو حماية وطن، بل من الأسهل عليك أن تتجاهل شكوكك في أحد ما أو تقريراً يصلك على قاعدة (ما لي وللناس؟)، لأنك لست مسؤولا عن الأمن في البلد أشبه بالقارة، وعلى مرمى البصر منه يقطن أعداء كثيرون، وفي داخله ملايين البشر من عشرات الملل والنحل والأجناس؛ أي نسبة خطأ في عملك لن تعذر فيه أمام الله ثم مليكك وشعبك، لأنه قد يأخذ معه روح طفل أو بصر طفلة أو عناية أب ينتظره أطفاله.
عندما تتأمل ملامح الذين قاموا بالعمليات الإرهابية في المملكة ستجد منهم من يشبه أحد أبناء حارتك أو زميل دراسة لك أو صديقا.
إن الإرهابيين لا توجد على جباههم علامة تقول: هذا إرهابي؛ فينام المسؤول عن أمن الوطن ملء عينيه، لأن أي شخص سيرى هذا الموشوم سيقبض عليه.
إنه أمام واجب عظيم وهو حمايتنا منهم ومن خططهم التي استهدفونا فيها، فكيف تأخذنا العاطفة ونقف في جانب مشكوك فيه أو مدان ونترك الجانب الذي يحمينا؟!
إني أتساءل حقيقة: لمَ لا يُسأل المشاركون في تلك الحملات التي تتخذ جملاً عاطفية عن غيرة العربي على نسائه أو الحرية للمعتقلين؟! لِمَ قبض عليهم ولم يقبض عليك أنت؟ لمَ هم بالذات بينما أنا وأنت ننتقد ونتكلم ونكتب في "النت" وفي الصحف ولا أحد يسائلنا؟!
إن أولئك المتأثرين بعاطفية تلك العبارات وغرابة ما يرد في تلك الحملات يحتاجون إلى مكاشفة وإعلان حتى يعودوا لصوابهم ولا ينجرّوا خلف تلك الدعاوى.
إننا في زمن المكاشفة، والصمت لن يفيد أحداً، كما أن الانسياق خلف أناس لا نعرف خططهم تجاه وطننا هو ما يجب أن نخافه.