شُذّاذ الآفاق هم الغرباء والدخلاء الذين لا وطن لهم!
المصطلح النخبوي جاء في سياق كلمة الرئيس السوداني عمر البشير على هامش الاحتجاجات الواسعة التي قام بها طلبة جامعة الخرطوم بسبب ارتفاع الأسعار وتدهور الأوضاع الاقتصادية.. أي أن الذين تظاهروا ليسوا "شذّاذ آفاق"، كما وصفهم فخامة الرئيس.. بل هم نسيج المجتمع السوداني وعماده وصانعو مستقبله!
كان يفترض بالرئيس السوداني ـ الذي جاء على ظهر دبابة عسكرية وأطاح بالحكومة المنتخبة التي يرأسها الصادق المهدي.. ولم يتهمه أحد حينها بأنه من "شذّاذ الآفاق"، بل كان قائدا لثورة الإنقاذ الوطني ـ أن يكون أكثر حكمة في التعامل مع الاحتجاجات.. ماذا يضيره لو فتح قلبه لهؤلاء الشباب.. واجتمع بهم.. وحاورهم.. وطرح مشكلاتهم، وشاركهم في صنع الحلول لها؟!
مشكلة أغلب الرؤساء العرب ـ من مات منهم ومن هرب ومن سجن ومن ينتظر ـ أنهم لا يقرؤون التاريخ جيدا.. ولا يستفيدون من تجارب غيرهم..
في تونس أمضى الرئيس وقته بتهديد المتظاهرين حتى وصلوا إلى باب قصره فهرب وترك لهم كل شيء.. في ليبيا وصف القذافي المتظاهرين بأنهم "جرذان".. وأنكر وجودهم بعبارته الشهيرة "من أنتم".. لكنهم سحلوه ومرغوا أنفه بالتراب.. في مصر قال النظام عن متظاهري ميدان التحرير بأنهم "شوية عيال".. لكنهم نجحوا في إزالته.. وفي اليمن وصف الرئيس المتظاهرين بأنهم "فئة مندسة".. لكنه نجا بأعجوبة وترك الحكم لهم.. وفي سوريا وصف بشار الأسد الشعب السوري بأنهم مجموعة إرهابيين وجراثيم وذهب يرشهم بالطائرات والدبابات.. وما زلنا ننتظر نهايته القريبة.
واليوم يتكرر الشيء ذاته، حذو القذة بالقذة.. ويخرج الرئيس المناضل عمر البشير، الذي فرّط في الجنوب وتنازل عن ثلاثة أرباع موارد السودان النفطية، ليتهم أبناء السودان الشرفاء بكل عنجهية بأنهم "شذّاذ آفاق" ـ يا أمة ضحكت من جهلها الأمم!